رياح وأوتاد: تحوّر فيروسات المال العام في مقابل عمل المجلس منذ 1992
تتنوع وتتطور وسائل التعدي على المال العام في كل فترة زمنية، كما تتحور وتتغير فيروسات كورونا، لذلك يجب أن تواجه في كل فترة وشكل من أشكالها بإجراءات جديدة ومناسبة لهذا التحايل والتحوّر.
![أحمد يعقوب باقر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/125_1701277800.jpg)
وفي فترة لاحقة تم اكتشاف وسائل جديدة للتعدي على أملاك الدولة العقارية فتقدم بعض أعضاء مجلس الأمة باقتراحات لحماية أراضي الدولة، وتم إقرار قانون BOT في اللجنة المالية التي تشرفت برئاستها، كما تم تقديم عدة استجوابات منا ومن غيرنا من الأعضاء من أجل استعادة أرض الوقف المغصوبة، وتكللت بالنجاح بحمد الله.وبعد ذلك اكتشف ديوان المحاسبة جريمة "ضيافة الداخلية"، وأحيلت إلى القضاء، وصدرت فيها أحكام بالسجن، وفي مجلس 2009 تم اكتشاف موضوع الإيداعات المالية في حساب بعض النواب، وأبلغ النائب العام الحكومة والمجلس بوجود فراغ تشريعي بخصوص عطايا النواب، لكن هذا التشريع لم يصدر حتى الآن، كما تم اكتشاف موضوع التحويلات الخارجية، ومؤخراً أثير موضوع صندوق الجيش وعلاقته بصناديق وحسابات أخرى، وهو لا يزال في أروقة القضاء.وهذا السرد المختصر يبين كيف تتنوع وتتطور وسائل التعدي على المال العام في كل فترة زمنية، كما تتحور وتتغير فيروسات كورونا، ولذلك يجب أن تواجه في كل فترة وشكل من أشكالها بإجراءات جديدة ومناسبة لهذا التحايل والتحوّر، ولكن لوحظ أن تصدي المجالس الأخيرة لم يكن بقدر كفاءة ودقة وحرفنة المجالس التي سبقتها. وأيضاً نستطيع بناء على هذا السرد أن نقترح وضع خريطة طريق وخطوات برلمانية لمنع وقوع انتهاكات المال العام في المستقبل، واكتشافها والحيلولة دون وقوعها ومنها: 1- ضرورة تشجيع المواطنين على التبليغ عن أي خلل مالي تقع عليه أعينهم في الجهات التي يعملون بها وحمايتهم ومكافأتهم.2- ضرورة حسن اختيار القياديين دون واسطة أو تدخل من المتنفذين أو النواب ووجوب إصدار قانون جامع ينظم اختيار القياديين.3- ضرورة قيام مجلس الأمة بإنشاء لجان التحقيق البرلمانية في جميع الشبهات التي تتعلق بالمال العام حتى لو كانت معروضة على القضاء وتفعيل المادتين 8 و9 من قانون اللائحة، على أن يكون دورها هو استحضار الأدلة والبراهين في كل قضية وتقديمها للقضاء. 4- ضرورة سد الفراغ التشريعي بإصدار قانون القيم البرلمانية ومنع هدايا النواب أو استفادتهم أو تدخلهم في أعمال الحكومة.5- ضرورة توسيع وشمول رقابة ديوان المحاسبة لجميع الصناديق المتعلقة بالجيش أو غيرها من الصناديق التي لا تشملها الميزانية العامة، وإزالة السرية عنها ما عدا صندوق أو حساب واحد يكون بعهدة صاحب السمو الأمير، ويتعلق بالمصالح العليا للبلاد، ويكون هو الصندوق السري الوحيد، ويستطيع الوزراء الشرح للأمير حول ما يحتاجون إليه من مصروفات تتعلق بهذه المصلحة والسرية.6- إصدار قانون عاجل بشأن أخطاء الموظفين يعفي الدولة من التعويض عن الأخطاء الجسيمة للموظفين إذا كانت هذه الأخطاء تمت بالمخالفة للقوانين أو قرارات مجلسي الوزراء والبلدي، أو كانت بالاتفاق بين بعض الأطراف، مما يوفر الملايين على الدولة.7- التعاون مع المنظمات الدولية مثل مبادرة (ستار) التي أنشأها البنك الدولي مع مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات، وهي التي تعمل على تقديم المعرفة والخبرة للعاملين في مجال استرداد الأموال، وأصدرت دليل استعادة الأموال المنهوبة، كما وفرت قاعدة بيانات بهذا الشأن، وتتعاون فيها الأطراف المشاركة في كيفية تتبع الأموال والتعاون مع الشرطة الدولية، وكذلك يمكن للحكومة أن تكلف منظمات خاصة لتتبع الأموال.8- ضرورة أن تزود الجهات المعنية حكومية وبرلمانية وجهات التحقيق المختلفة، الجهات القضائية بالمعلومات الكافية والتفصيلية والتحريات الدقيقة بشأن قضايا الأموال العامة، وأيضاً بشأن الصناديق والحسابات المختلفة بحيث تتم معرفة ما هو المصروف منها في الشأن العام والمصالح العليا مع ضرورة اكتشاف ما تم استغلاله لتحقيق أهداف ومكاسب خاصة.9- ضرورة إصدار الأحكام القضائية المناسبة التي تردع أي تعدٍّ على المال العام وملاحقة مرتكبيها الهاربين.10- ضرورة الإعلان عن جميع هذه الخطوات والإجراءات وإطلاع الشعب عليها في جميع وسائل الإعلام والتواصل، حتى تتم المشاركة الشعبية في هذه القضايا وتترسخ الثقة في إجراءات الحكومة والمجلس.والله الموفق.
● أحمد يعقوب باقر
نقترح وضع خريطة طريق وخطوات برلمانية لمنع وقوع انتهاكات للمال العام في المستقبل