بعد ساعات من كشف «الجريدة» عن تلقي طهران تهديدات أميركية حازمة في حال انهيار المفاوضات المتعثرة حول الاتفاق النووي، قصف الحرس الثوري الإيراني بالصواريخ البالستية أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، مستهدفاً ما قال إنه قاعدة إسرائيلية في محيط مبنى القنصلية الأميركية قيد الإنشاء، وهو ما نفته سلطات الإقليم الكردي.

وأعلن «الحرس» أنه قصف «مركزاً استراتيجياً» إسرائيلياً بصواريخ دقيقة، بعد ساعات من إعلان سلطات إقليم كردستان سقوط 12 صاروخاً بالستياً أُطلقت «من خارج الحدود» في محيط أربيل والقنصلية الأميركية.

Ad

وقال «الحرس»، في بيان، إن الضربة جاءت «بعد الجرائم الأخيرة لإسرائيل، والإعلان السابق عن أن جرائمها لن تمر دون رد»، في إشارة إلى غارات جوية إسرائيلية الاثنين الماضي تسببت في مقتل عقيدين بـ«فيلق القدس» جنوب سورية.

وحذر بيان «الحرس» إسرائيل من أن «تكرار أي شر سيقابل بردود قاسية وحاسمة ومدمرة»، مضيفاً: «كما نؤكد للشعب الإيراني أن أمن وسلام الوطن هو الخط الأحمر للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية، ولن نسمح لأحد بالتهديد أو الهجوم عليه».

وذكرت تقارير أن الصواريخ انطلقت من مدينة تبريز بعد منتصف ليل السبت ـــ الأحد.

4 رسائل

وأفادت مصادر بأن الصواريخ أُطلقت من قاعدتين في كرمنشاه وتبريز، متحدثة عن 4 رسائل إيرانية من الهجوم، أولها الرد على الضغوط الأميركية بشأن الاتفاق النووي بما في ذلك مصادرة شحنات نفط، وثانيها الرد على مقتل عقيدين في الحرس بغارة إسرائيلية في سورية، وثالثها، مواصلة الضغوط على اربيل فيما يتعلق بالتحالف مع مقتدى الصدر الذي لم يقدم أي تنازل لحلفاء طهران رغم موافقتهم على مرشحه لرئاسة الحكومة، ورابعها، القول لموسكو ان ايران قادرة على مساعدتها في تخفيف الضغط الاميركي بشأن حرب اوكرانيا لكنها قادرة ايضا على ازعاجها.

الإحباط النووي

وجاء الهجوم مع تنامي الإحباط الإيراني، من جراء تعثر الصفقة النووية، التي كان من المتوقع أن تدر مليارات الدولارات على طهران، بسبب الخلافات المتنامية بين روسيا والقوى الغربية، وكذلك كشف الولايات المتحدة عن مصادرتها لشحنات نفط تابعة لـ«الحرس الثوري» أخيراً.

وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة عدم وجود موعد محدد للعودة إلى طاولة المباحثات في فيينا، مشيراً إلى أن «استئناف المفاوضات بحاجة إلى تمهيدات وأنه من غير الواضح متى ستستأنف».

غضب عراقي

وفي بغداد، اجتاحت موجة غضب القوى السيادية. وقال مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري إن «أربيل لن تركع إلا للاعتدال والسيادة والاستقلال».

وطالب الصدر بـ«رفع مذكرة احتجاج للأمم المتحدة والسفير الإيراني في العراق فوراً، مع ضمان عدم تكرار الهجمات»، داعياً في الوقت نفسه إلى «التحقيق في ادعاءات وجود مواقع إسرائيلية بأسرع وقت ممكن».

في المقابل، ربط الرئيس العراقي برهم صالح الهجوم بالأجواء الإيجابية التي سادت بشأن تشكيل الحكومة، معتبراً أن الهدف منه عرقلة الاستحقاقات الدستورية.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بالتصدي لأي مساس بأمن المدن والمواطنيين.

وقال الزعيم الكردي مسعود البارزاني: «لا يمكن بتضليل وأكاذيب الأعداء حجب الحقيقة ونوايا المهاجمين»، مضيفاً: «نؤكد أنه مثلما صمدت أربيل أمام هولاكو القدامى، فإنها ستصمد أمام هولاكو الجدد»، في حين دعا رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي إلى «موقف وطني موحد وحازم».

ونفى محافظ أربيل أوميد خشوناو وجود «مقرات إسرائيلية سرية» في أربيل، مشيراً إلى أن «الصواريخ وقعت في أماكن خالية». وأضاف أن الهجوم أسفر عن إصابة شخصين «أحدهما سائق أجرة والآخر حارس إحدى المزارع وإصاباتهما طفيفة». وأعلنت قناة تلفزيونية كردية تضررها باحد الصواريخ.

أميركا: لا إصابات

في هذه الأثناء، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بإدارة الرئيس جو بايدن التي وضعت في حرج بعد اعتداء أربيل، أنه «لم تقع أضرار أو إصابات في أي منشأة» أميركية.

ودانت الخارجية الأميركية «الهجوم الشائن واستعراض العنف بأربيل»، في حين تعالت أصوات ديموقراطية وجمهورية داخل «الكونغرس» تطالب إدارة بايدن بالانسحاب من المفاوضات النووية مع إيران. وقال السفير الاميركي في بغداد أن هناك طرفا واضحا تبنى الاعتداء ويجب محاسبته.

كما أصدرت عدة دول في مقدمتها الكويت بيانات إدانة لهجوم أربيل. ونددت الخارجية السعودية بالاعتداء، مؤكدة أن المملكة تقف إلى جانب العراق فيما يتخذه من إجراءات لحماية أمنه واستقراره.

استنفار إسرائيلي

في هذه الأثناء، رفع الجيش الإسرائيلي مستوى الجاهزية على الجبهة الشمالية خوفا من أن ترد إيران على مقتل القياديين بـ»الحرس الثوري» بالضربات التي شنتها إسرائيل على مواقع جنوب دمشق الاثنين الماضي.

وأفادت مصادر عبرية بأن تقييم الوضع الأمني أوصى بزيادة عدد القوات ووحدات الاستخبارات والدفاع الجوي على الحدود المقابلة لمناطق نفوذ «حزب الله» في جنوب لبنان، في أعقاب تهديد إيران بالانتقام، وذلك بعد عودة رئيس أركان الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي من زيارة للبحرين.

حوار السعودية

وفي ضربة أخرى لجهود تهدئة التوتر الإقليمي وحل الخلافات الثنائية، نقل عن موقع «نورنيوز»، التابع لأعلى جهة أمنية في الجمهورية الإسلامية، أن سلطات طهران علقت المحادثات الاستكشافية مع الرياض التي تستضيفها العاصمة العراقية بغداد دون توضيح الأسباب، في خطوة ربطها معلقون إيرانيون بإعدام السعودية 81 مدانا بالارهاب تحدثت مواقع بأن نصفهم ينتمون الى شيعة السعودية.

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قال أمس الأول إن بلاده ستستضيف الجولة الخامسة من المحادثات السعودية الإيرانية بعد غد الأربعاء.

وأوردت وكالة «إرنا» الرسمية أنه «لم يحدد بعد موعد لعقد الجولة الخامسة من المفاوضات بين إيران والسعودية».

طهران - فرزاد قاسمي