افتقدنا منذ أيام ملتحقاً بجوار ربه الدكتور أحمد الخطيب، فرقد السياسة الكويتية وفقيد منبرها الديموقراطي، المناضل الوفي لوطنه، موطن الإنسانية والتسامح، ودعنا راحلاً بعد أن أبلى بلاءً حسناً جزل العطاء، ناضل ونازل دفاعاً عن حرية وعزة وكرامة وطنه، أدام المتابعة والاطلاع على قضايا أمته العربية باذلاً لها النصيحة والتوجيه، مؤيداً ومشاركاً لها ثورتها الربيعية ضد الظلم والطغيان.

الدكتور أحمد الخطيب الذي طرز تاريخ الكويت مع ثلة الوطنيين الأحرار بإيمانه بالدستور علماً وعملاً، وناضل بجهد وتفانٍ لترسيخ دعائمه، وألّف شعبنا على الاحتكام لروح الدستور ومواده، حتى أضحينا عنواناً للخليج والوطن العربي برمته، عنواناً لحقوق الإنسان وحريته وكرامته، نازعاً للسلم والشراكة بين المجتمع والسلطة، الراديكالية المسالمة، فمبادئ الطب صانت ثوابته وقسمه ليحفظ ويقدس كرامة الإنسان وحقوقه الطبيعية والمدنية، مهما اُختلِف معه فكرياً وثقافياً.

Ad

تصدى لـ"للأوليغاركية" وكان لصيقاً بالشعب متفهماً معاناته، مدافعاً عن مصالحه وثرواته، فارساً من فرسان القومية العربية، ومن روادها الأوائل، مؤسساً وزعيماً قومياً، فقيه الطب وحكيم السياسة، وموجهاً لأجيال نحو سمو المشاعر الوطنية على سواها من ألقاب القبيلة والطائفة والعائلة، آمن برأسمالية اجتماعية عوضاً عن رأسمالية اقتصادية مدمرة، نائباً مارس الوعي السياسي في عهد طغى على البرلمان نواب العماء السياسي.

الدكتور أحمد الخطيب مصدرٌ للإلهام ومشعل ريادة للعمل الجماعي والمؤسس الأبرز لتنظيم المنبر الديموقراطي، المتجاوز لكل الأُطر والفوارق الاجتماعية والطبقية إلى رحابة المجال السياسي العام، أبى الخضوع كتابع ومقيّد في مدار السلطة وشبهاتها، بل كان "المايسترو" للنضال الوطني وبوصلته.

الدكتور أحمد الخطيب، لا نودعك بل نعاهدك، لا نفارقك بل نعيشك، لا ننعاك بل ننعى أنفسنا، فكما النعمة وصدقة عطايا الأقدار إلى الشعوب مسلوبة الإرادة والحرية، تسخو الحياة بجواهر الرجال وفضائل الأحرار، سيرتك ومسيرتك الوطنية الزاخرة ستدرّس للأجيال القادمة منهجاً ومثالاً للإباء والنضال والكرامة الوطنية، بقايا أحلامك ستراودنا حتماً مع إطلالة كل فجر جديد، وكوكب باسمك سيقترن في سمائنا مع كواكب سبقتك بالأقدار في رحيلها، رفقاء دربك "جاسم القطامي" و"سامي المنيس" و"أحمد الربعي" وآخرين نُجِلهم.

الدكتور أحمد الخطيب نتركك لترقد في سلام، وداعاً.

● حبيب السنافي