استمراراً في تقديم أمسياته، وضمن موسمه الثقافي والفني العاشر، جمع الملتقى الثقافي عدداً من الأساتذة العاملين في تدريس الفن والعمارة، وفنانين وأصحاب جاليريات في جلسة نقاشية بعنوان «الشباب والتشكيل الكويتي» بمشاركة د. جواهر البدر، والفنانة أميرة بهبهاني، ومدير دار «دن» حسين ديكسن، والفنان فريد عبدال، ومدير دار الفنون عيسى محمد، وشيخة سنان، وسعود الفرج، وسهيلة النجدي، بحضور مجموعة من الأدباء، على رأسهم الأديبة ليلى العثمان، وهدى الشوا.

في البداية، أعطى الرفاعي لمحة عن أهم النقاط الرئيسية الحاضرة على ساحة التشكيل المحلي فقال: «هناك جاليريات تقدم وجوها جديدة، وهناك فنانون تشكيليون يقدمون أعمالهم، ولكن مازلت هذه الوجوه وهذه الأعمال غائبة عن الحضور الجماهيري الملموس، كما في الإمارات، والبحرين، والسعودية، وعمان». وطرح الرفاعي مجموعة من الأسئلة: لماذا تأخرت اللوحة التشكيلية في الكويت؟، ولماذا لا توجد بين الشباب أسماء بارزة يُشار إليها بوصفها تمثل المشهد التشكيلي القائم، كما كان قبل عشرين سنة؟ وهل هناك شباب يعملون على جمع اللوحات؟ وأخيراً: لماذا تخلو الصحافة الكويتية من أي ناقد تشكيلي متخصص؟ وأشار الرفاعي إلى إحدى النقاط السلبية التي جعلت الحالة التشكيلية تتراجع، وهي عدم تكاتف وتعاون الفنانين وانقسامهم، مما أدى إلى تشتت جهودهم الفنية.

Ad

بدورها، أكدت د. جواهر البدر أن المحيط هو الفن، وبالتالي إذا كان محيط الإنسان يفتقر إلى التلقائية والحرية فلن يكون هناك فن، مضيفة: ان الفن جزء لا يتجزأ من محيط الشخص، ومتى أصيب هذا المحيط بعُقد أو مشاكل، فإن ذلك سينعكس على ما يقدمه من فنون.

وحول إمكانية المناهج في التغير، أوضحت د. البدر أن «الطفل يأتي ممتلئا بالفن، وإذا بدأنا نضيق عليه فإن ذلك سيؤدي إلى وأد عملية الإبداع الفني»، مشددة على ضرورة تطوير المناهج، وتقدير الفن.

غيرة فنانين

من جانبها، كشفت بهبهاني أن هناك مشكلة يعانيها أغلب الفنانين تتعلق بعدم تركيزهم على ظهور الأداء الفني بشكل جيد، وفي المقابل يركزون على الغيرة فيما بينهم. وقالت «للأسف ان بعض الفنانين بدلا من أن يركّزوا على تطوير الوعي الفني وأدواته الفنية، ينشغلون بإثارة الحزازيات والغيرة فيما بينهم وبين الآخرين».

وأضافت «عندما ترى نماذج ناجحة تتمنى أن تصل إلى مستواها، وأن هذا ما يدفعها للبحث والدراسة والاجتهاد أكثر»، داعية الفنانين إلى توظيف غيرتهم في تنمية مواهبهم وأعمالهم.

أما من ناحية المناهج المدرسية فأكدت أنها على أيامها في الدراسة تلقت دروس تعليم الحرف اليدوية، بينما مثل هذه الأمور تكاد تكون معدومة حاليا.

خريطة ثقافية

من جانبه، أشار الفنان فريد عبدال إلى أن ظاهرة التعبير الفني تبدو فردية أو منتشرة في مجتمعات صغيرة أو جيوب صغيرة، وأوضح: «لقد درّست في جامعة الكويت خلال السنوات العشر الماضية، واكتشفت أشياء كثيرة، وأن هناك مشكلة في منظورنا للتعليم، وعندما ندرّس مواد فيها إبداعات أو نظرية عمارة، أو فلسفة نظريات عمارة وتخطيط وفن، نرى أن هناك شكاوى في طرح أفكار إبداعية، فيحصل أن يقم باتهامنا أساتذة مختلفين بطرح مواد بعيدة عن الأصول الاجتماعية، مواضيع تلامس الخطوط الحمراء مع انها ضمن المنهج، فبدأت أفهم أنه لا يوجد شيء يُسمى بالخريطة الثقافية، فنحن في خريطة بُنيت على الخوف والتقاليد، وحتى اليوم هناك أناس يعتقدون أن تأسيس كلية فنون تشكيلية حقيقية من المحرمات».

بدوره، تحدث عيسى محمد من واقع نظرته وخبرته كمدير لدار الفنون، حيث يرى أن هناك مشكلة كبيرة مع الفنانين التشكيليين الشباب في الكويت، لأن البعض منهم لا يأخذ التشكيل بصورة جدية ويعتبره ذلك هواية.

من جانب آخر، أوضح أنه على الصعيد المحلي «لا يوجد لدينا الدعم الكافي الذي يحتاج إليه الفنان غير المعارض في الجاليريات، وهي لا تعد كافية لدعم الفنان، لأنها غير مدعومة من الحكومة».

وتحدث ديكسن عن الفنان الكويتي قائلا، إن «هناك جهة حاضنة سواء أهلية أو خاصة تدعم الفنان، بالإضافة إلى المناهج وثقافة المتلقي، وأيضا «الجمهور» الذي يحتاج إلى زيادة المعارض لكي يفهم اللوحات».

وعن الدعم الحكومي أو الخاص المتمثل في المشروعات الصغيرة قال ديكسن إنها لا تستطيع أن تؤسس الجاليريات ولا تشكل حاضنات، مشددا على ضرورة تنظيم الورش للأجيال القادمة، «حتى نشاهد ثمارها على مدار السنوات القادمة».

المداخلات

ومن بين المداخلات، أشار الفنان سعود الفرج إلى أنه «ينقصنا النقد التشكيلي للأعمال على الصعيد المحلي»، مؤكدا ضرورة نبد الخلافات بين الفنانين وجمعية الفنون التشكيلية، وأن تشكيل جبهات متنافرة لا يخدم الفن التشكيلي.

أما الفنان محمد ثلاب، رئيس جمعية الكاركاتير الكويتية أوضح ثلاب أن هناك أعضاء من رواد فناني الكاريكاتير، وهم جزء لا يتجزأ من هذا الفن في الكويت، ومنهم عبدالوهاب العوضي، وعبدالعزيز آرتي وغيرهما.

وأوضح أن لديهم رأيا يختلف عن الفنون التشكيلية، قائلا «نعتقد أن المرسم الحر، أو الجمعية، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وغيره لم تقدم شيئاً للفن حاليا».

أما الأديبة ليلى العثمان فتحدثت من منطلق رؤيتها كأديبة، إذ في البداية عبرت عن سعادتها عن إثارة هذا الموضوع في الملتقى الثقافي، لأن الفن التشكيلي جزء من حركة المجتمع، وانها تعشق اللوحة، والكثير من اللوحات أوحت لها بكتابة قصة.

وقالت: نحن كتاب القصة نستوحي من اللوحة قصصاً، لأنها تثير فينا مشاعر دفينة، وتحرك أحاسيسنا تجاه الموجودات من حولنا. وتساءلت العثمان: لماذا لا يستوحي الفنان أعماله التشكيلية من قصص الكاتب ويرسمها، وقالت: إن بعض الفنانين الشباب يضعون أسعارا مبالغ فيها للوحاتهم، ومن المفترض البدء أولا بالطريق الفني، وأن تكون أسعار لوحاته معقولة، ليكوّن زبائن، والكثير من الفنانين الصغار يقومون بالنقل، مؤكدة أن الموهبة هي الأساس.

فضة المعيلي