بالتزامن مع اجتماع أميركي ـ صيني رفيع المستوى، ضم مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع يانغ جيه تشي، كبير دبلوماسيي بكين، لبحث أزمة أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا، نفت بكين تزويد موسكو بالسلاح وبمعونات اقتصادية للالتفاف على الحصار الغربي. ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، صحة تقريرين لصحيفتَي فاينانشال تايمز وواشنطن بوست، نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن روسيا طلبت من الصين تزويدها بمعدات عسكرية للحرب، ومساعدات اقتصادية لمساعدتها في الالتفاف على العقوبات الغربية، معتبراً أن «ما تدعيه الولايات المتحدة ليس سوى معلومات مضللة وخبيثة».
اقتحام المدن
الى ذلك، ألمح الناطق باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، الى أن روسيا تمتنع حالياً عن مهاجمة المدن الكبيرة، بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين «نظرا إلى أن الخسائر المدنية ستكون كبيرة» من دون توضيح متى أصدر بوتين هذه الأوامر. لكنه أضاف أن «وزارة الدفاع لا تستبعد احتمال وضع مدن كبرى، خاضعة لحصار تام تقريبا حاليا، تحت سيطرتها الكاملة»، مشيراً إلى أن «قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدفعون الروس على ما يبدو باتجاه مهاجمة مدن أوكرانية كبرى لتحميل بلدنا مسؤولية سقوط قتلى مدنيين».في المقابل، قال رئيس الحرس الوطني الجنرال فيكتور زولوتوف، إن الحرب في أوكرانيا لا تسير بالسرعة التي أرادها «الكرملين».وعزا زولوتوف، وهو واحد من أوثق حلفاء بوتين، وكان مسؤولا في فترة من الفترات عن أمن الرئيس الشخصي، «الإيقاع الأبطأ من المتوقع» إلى «أطراف أوكرانية يمينية متطرفة تختبئ خلف المدنيين». وبدا أن تعليقاته تتناقض مع تقييم وزير الدفاع سيرغي شويغو، الجمعة، الذي أبلغ بوتين أن «كل شيء يسير وفق الخطة».وقال زولوتوف: «أود أن أقول نعم ليس كل شيء يسير بالسرعة التي نودّها، لكننا نمضي صوب هدفنا خطوة خطوة، وسيكون النصر لنا».في هذه الاثناء، قُتل شخص على طريق في منطقة كورينيفكا بكييف وجرح 6، جراء قصف روسي جديد استهدف مصنع أنتونوف للطائرات، في حين قتل آخر في ضربة أخرى على مبنى سكني في العاصمة التي تستعد لمعركة كبيرة، مع اشتدادا الطوق الروسي عليها من 3 جهات.من ناحيته، أعلن جورجي مرادوف، نائب رئيس شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا، أنه جرى ربط شبه الجزيرة بمنطقة دونباس الانفصالية في شرق أوكرانيا بممر برّي، موضحا أن «القوات الروسية سيطرت على الطريق من القرم إلى ماريوبول، ومن شأن هذا أن يساعد في تزويد منطقة دونيتسك بالإمدادات الإنسانية».كما انقطعت الكهرباء مجدداً عن محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في أوكرانيا جراء القصف الروسي، وفق ما أعلنت شركة أوكرنرجو المشغّلة لها، أمس.وأفادت الشركة بـ «تضرر الخط الذي يمدّ محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية وبلدة سلافوتيتش بالطاقة بأيدي القوّات الروسية المحتلة، كما تضرّرت وحدة تخزين للغاز تحت الأرض في المنشأة». وانقطعت الطاقة مطلع الأسبوع الماضي عن المحطة النووية، لكنها أعيدت الأحد.وأظهرت تقديرات نشرتها منظمة الصحة العالمية، أن 6.7 ملايين شخص من الأوكرانيين نزحوا داخليا، في وقت فرّ نحو 3 ملايين لخارج البلاد.من ناحيته، أكد مدير إدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية الروسية بيوتر إليتشيف، أن روسيا لا ترى سببا لإرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى أوكرانيا، مؤكداً أن «روسيا تسيطر على الوضع».في غضون ذلك، وبعد ساعات قليلة على انطلاق الجولة الرابعة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا عبر تقنية الفيديو، وذلك على خلاف الجولات السابقة، أكدت كييف أن هذه المفاوضات ستستأنف اليوم.وفي حين اعتبر رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراوسكي، أن «الهجوم الروسي على منشأة عسكرية قرب حدودنا كان هدفه إثارة الفزع بين الناس، حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مجدّدًا «الناتو» على فرض منطقة حظر طيران فوق بلاده، معتبرًا أن التمنّع عن ذلك سيؤدّي إلى سقوط «الصواريخ الروسية على أراضي الحلف»، في وقت دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الغرب، أمس، إلى تزويد بلاده بالأسلحة وفرض مزيد من العقوبات على روسيا للمساعدة في منع دخول دول أخرى في صراع أوسع. وطالب دول العالم بمنع السفن الروسية من دخول موانئها، كما طالب بمقاطعة الشركات العالمية التي تواصل العمل في روسيا.وقال المفاوض الأوكراني ميخايلو بودولياك: "هناك توقف فني في المفاوضات من أجل المزيد من العمل في مجموعات العمل الفرعية وتوضيح التعريفات الفردية"، مؤكدا أن المفاوضات ستتواصل اليوم.وبُعيد ساعات قليلة على انطلاق الجولة الرابعة، أطل الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي بمقطع مصور جديد من قلب كييف، ليؤكد أن الحرب مستمرة، معتبراً أنها معركة وجودية لبلاده.إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن كييف تنتظر نتائج المفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني.وقال: "الهدف الرئيسي للوفد التفاوضي الأوكراني هو فعل كل شيء ممكن من أجل الاتفاق مع الوفد الروسي على عقد لقاء مباشر بيني وبين الرئيس الروسي"، مضيفا أن "هذا اللقاء هو بكل تأكيد ما ينتظره الجميع"، إلا أنه أقر بصعوبة تنظيم مثل هذا اللقاء.ويتوقع أن يوجّه الرئيس الأوكراني خطابا عبر الإنترنت إلى "الكونغرس" الأميركي غداً، وفق ما أعلنت، أمس، رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ونظيرها في مجلس الشيوخ تشاك شومر، قائلين في رسالة مشتركة إلى النواب "نتطلع إلى شرف استقبال خطاب الرئيس زيلينسكي إلى مجلسي النواب والشيوخ، ولإيصال رسالة دعمنا إلى الشعب الأوكراني، بينما يدافع بشجاعة عن الديموقراطية".وبعد إطلاق الجانبين خلال الأيام الماضية دعوات إلى انضمام مقاتلين أجانب إلى الصراع، أكدت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، أمس، أن روسيا أقامت معسكرات لإيواء وتدريب "مرتزقة" من سورية قرب الحدود الأوكرانية في منطقتي روستوف الروسية بجنوب شرقي أوكرانيا وغوميل البيلاروسية الواقعة شمال غربها.وفي وقت أعلن وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد، أمس، أنه ليس مستحيلاً سقوط صواريخ روسية في أراضي الناتو، مضيفا أن الحلف سيرد إذا حدث ذلك، بدأت مناورات عسكرية ضخمة يشارك فيها 30 ألف عسكري من الحلف الأطلسي ودول شريكة أمس، في النرويج، تتضمن عمليات إنزال وعمليات برية، على مساحات شاسعة من الأراضي النرويجية، بما في ذلك فوق الدائرة القطبية الشمالية، مع البقاء على مسافة مئات الكيلومترات عن الحدود الروسية - النرويجية. وفي فيينا، قال المستشار النمساوي المحافظ كارل نيهامر، أمس، إن دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في «الناتو» وعدت الدول غير الأعضاء بالحلف مثل النمسا المحايدة بمساعدتها عسكريا إذا تعرّضت لهجوم.وأكد نيهامر أنه لن يكون هناك جيش موحد للاتحاد الأوروبي، لأن مجمل العملية المؤدية الى اتفاق سياسي حول نشر جيش للاتحاد الأوروبي على الميدان لم تكتمل بعد.وفي حين حذرت تقارير غربية من أن أثرياء روس يتطلعون للالتفاف على العقوبات باللجوء الى إسرائيل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خلال زيارة إلى سلوفاكيا، أمس، إن بلاده ستلتزم بالعقوبات. جاء ذلك قبل اتصال متوقع بين لابيد وكوليبا. في المقابل، شدّد وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، بعد محادثات مع مسؤولين روس في موسكو، على أهمية تجنّب التصعيد ومعالجة الأزمة عبر الحوار البنّاء والطرق الدبلوماسية، مضيفا أنه استعرض نتائج الاتصالات التي أجراها مع نظرائه وزراء خارجية الدول الأوروبية ونظيره الأوكراني، داعياً الى ضرورة تضافر الجهود الدولية بشكل عاجل للوصول الى حل سلمي للأزمة وضمان سلامة المدنيين، قائلا إن «قطر تؤمن بالحلول الدبلوماسية للأزمات الدولية والحفاظ على النظام الدولي القائم على الالتزام بميثاق منظمة الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي الراسخة، بما في ذلك تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها واحترام سيادة الدول واستقلالها».من ناحيته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع بن عبدالرحمن، إن «موسكو تريد ضمان ألا تتحوّل الأراضي الاوكرانية الى مصدر لتهديد الأمن الروسي أو للسكان الذين يريدون حماية اللغة والثقافة الروسية وتقاليد الكنيسة الارثوذكسية».ولفت لافروف الى وجود اهتمام بالتنسيق المشترك حول أسواق الطاقة العالمية بما في ذلك في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز.