غداة إعلانها ضبط شبكة تجسس تعمل لمصلحة "الموساد" الإسرائيلي خططت لعملية تخريبية في منشأة فوردو الرئيسية لتخصيب اليورانيوم وسط البلاد، كشفت السلطات الإيرانية، أمس، أنها أسست قيادة "الحرس الثوري النووي" لحماية المنشآت الذرية في البلاد.

وفي وقت سابق، أعلنت طهران أن حماية المنشآت النووية تم تفويضها لـ"حرس الثورة" لكنها المرة الأولى التي يتم فيها بصورة رسمية تأكيد الأمر وإعلان تأسيس "قيادة الحرس الثوري النووي".

Ad

وتأتي الخطوة التي تسمح لـ"الحرس الثوري" بالانفراد بالمهمة بعد خلافات شديدة وتبادل للاتهامات بالتقصير والاختراق، بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة للحكومة من جهة والتابعة لـ"الحرس" من جهة أخرى، التي كانت تتقاسم مهام تأمين المنشآت الحساسة، عقب وقوع سلسلة اعتداءات تخريبية استهدفت محطات نووية ومراكز أبحاث خاصة في كرج غرب طهران مطلع يوليو الماضي.

لغط وأضرار

وجاء الكشف عن تشكيل "القيادة النووية" التابعة للجهاز الإيراني المصنف "منظمة إرهابية" في الولايات المتحدة، بعد يومين من الضربة الصاروخية التي وجهها "الحرس الثوري" لموقع قرب القنصلية الأميركية في أربيل بشمال العراق، بذريعة استهداف مركز استراتيجي لـ"الموساد" الإسرائيلي، وهو ما نفته السلطات العراقية.

وفي وقت أفادت الصحافية في "نيويورك تايمز" فارناز فصيحي، نقلاً عن مسؤول أميركي مطلع بأن المبنى الذي أصابته الصواريخ الباليستية لـ"الحرس" في عاصمة إقليم كردستان كان بمنزلة "منشأة تدريب إسرائيلية"، أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس، أن إسرائيل شنت هجوماً جوياً في إيران 14 فبراير الماضي تسبب في أضرار جسيمة لشبكة الطائرات المسيرة في البلاد. وأضافت "هآرتس" أن هناك عدة تقديرات تشير إلى تدمير "مئات المسيرات" الإيرانية في الهجوم الإسرائيلي على قاعدة بكرمانشاه.

وبحسب تقارير موالية لإيران، فإن المنطقة التي استهدفها "الحرس الثوري" بـ 12 صاروخاً باليستياً في أربيل هي المكان الذي تم التحكم فيه بالمسيرات التي هاجمت القاعدة العسكرية في كرمانشاه، غرب البلاد.

وفي وقت سابق ذكرت تقارير إيرانية أن ست طائرات مسيرة إسرائيلية انطلقت من كردستان واستهدفت كرمانشاه.

وقبل حوالي شهر، نشرت تقارير عن حدوث حريق هائل في قاعدة لـ"الحرس الثوري" في ماهيدشت، بكرمانشاه، إلا أنه لم ينشر أي تقرير أو تعليق رسمي حول الحادث، عدا بعض التصريحات لمسؤولي "الحرس" الذين زعموا أن حريقاً اندلع في منشأة تخزين للزيوت ولمواد قابلة للاشتعال.

ضمانات موسكو

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر مشترك مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في موسكو أمس، أن بلاده حصلت على ضمانات نصية من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة على روسيا، جراء غزو أوكرانيا، لن تنعكس على تعاونها مع طهران، وهو ما يمهد لإنجاح الجهود الدولية الجارية في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

وقال لافروف: "لقد تلقينا ضمانات نصية. وتم إدراجها في نص الاتفاق عينه حول استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني".

وأضاف الوزير أن الوثائق توفر حماية لكل المشاريع المقتضى بتنفيذها بموجب "الاتفاق النووي"، منها مشاركة شركات وخبراء روس، بما في ذلك تعاونهم مع الجانب الإيراني ضمن مشروع محطة بوشهر الذرية.

وبين أن "بلاده تدعم الإسراع في العودة للالتزام بالاتفاق النووي الإيراني" المبرم عام 2015. وتابع لافروف: "انني على ثقة بأن آفاق المفاوضات في فيينا باتت أوضح خصوصاً أننا وصلنا إلى المرحلة الأخيرة من حلحلة الوضع بالنسبة لإحياء الاتفاق النووي".

ولفت لافروف إلى أن موسكو وطهران ستوقعان اتفاقية مشتركة "تحدد مبادئ تعاوننا على الساحة الدولية". وأشار إلى أنه اتفق مع نظيره الإيراني على "تجاوز تأثير العقوبات الغربية والمعايير المزدوجة".

علاقات قوية

من جهته، أعرب عبداللهيان عن أمله أنّ تؤدي زيارته إلى روسيا، للحصول على دعم موسكو من أجل الوصول إلى "اتفاق نووي جيد ومستقر وقوي".

وأشار إلى أن موسكو دعمت المحادثات التي بدأت، في فيينا، قبل 11 شهراً وحتى الآن، بهدف إعادة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للالتزام بـ"الاتفاق النووي" ورفع العقوبات عن طهران. وشدد على أنّ العلاقات بين طهران وموسكو قوية أكثر من أي وقت مضى.

ودان وزير الخارجية الإيراني العقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا، مؤكداً أنّ أي عقوبات أحادية الجانب أمر خاطئ. ورأى أنه يجب التركيز على حل سياسي لقضية أوكرانيا، قائلاً، إن بلاده تدين الحرب أينما تحدث.

وأوضح عبداللهيان أنه ناقش تطورات مفاوضات فيينا بين طهران ومجموعة "4+1"، فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا، فضلاً عن بحث نتائج زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لروسيا خلال الشهر الماضي.

وتشير تصريحات لافروف إلى رفع "عقبة مفاجئة" أمام إعادة إطلاق "الاتفاق الإيراني" الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، لكن من غير المعروف ما إذا كانت الخلافات بين واشنطن وطهران بشأن قضايا تتعلق برفع العقوبات وإعادة القيود على المنشآت الذرية الإيرانية قد حلت بشكل نهائي.

وأمس الأول، أرجع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، "العقبة الأساسية" أمام المفاوضات إلى عدم اتخاذ الولايات المتحدة "قرارات سياسية لازمة" للتوصل إلى اتفاق، متهماً إياها والغرب بأنهما يركزان الأنظار على المطالب الروسية كعقبة أمام التفاهم.

وكان الاتحاد الأوروبي، أعلن، الجمعة الماضية، توقّف الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا بسبب "عوامل خارجية" بعد مطالبة موسكو بضمانات أميركية مكتوبة في خطوة رأى خبراء أنها ترمي إلى تعطيل ضخ النفط والغاز من إيران إلى الأسواق العالمية، لقطع طريق القوى الغربية التي تسعى لحظر المحروقات الروسية مع ضمان السيطرة على أسعار الطاقة التي تشهد ارتفاعا حاداً منذ بدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

بدوره، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تواصل الاتصالات مع روسيا بشأن العودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي الإيراني.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن واشنطن لن تفرض عقوبات على مشاركة روسيا في مشروعات نووية ضمن الاتفاق عندما يُنفذ بالكامل.