6/6 : أبا مهند... شكراً
حين يتحدث المحترفون ينصت الهواة وعابرو السبيل، وحين تُفتح صفحات كتاب عنوانه "حقائق وخفايا ذكرياتي" لمحمد عبدالله أبوالحسن في الأمم المتحدة (1981 - 2003) فعلى المبتدئين بالعمل الدبلوماسي، وخصوصاً الأممي منه، شحذ انتباههم وفرد أوراقهم واستدعاء تركيزهم، ليعوا ما يقرأون وليرفدوا أفهامهم بدروس حروب الدبلوماسية الموازية للحروب العسكرية والسياسية، وليستنبطوا من جامعة المهنة ودروس الخبرة ودقة السير على صراط أمن الوطن المستقيم حسابات رسو مراكبه على شواطئ السلامة.شرفني الأخ العزيز السفير والوزير والمستشار اللامع محمد أبوالحسن، بإهدائه كتابه الثري قائلاً: "أرجو أن يكون كتابي هذا سجلاً وثائقياً ومرجعاً لأكبر تحدٍّ وخطر واجه بلدنا الحبيب، وتمكن قوة وسطوة الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ودور وصلاحيات مجلس الأمن مدعماً بصمود وتضحيات الشعب الكويتي والقيادة السياسية ودول العالم، من دحر قوى الشر والبطش والعدوان للنظام العراقي البائد عام 1990. وكان لي شرف أن أكون في الوفد الدائم في نيويورك في جبهة الحق ضد الباطل إلى أن تحقق النصر بحمد الله".كلمات رقيقة من شخصية رفيعة سجلت اسمها بتاريخ الكويت السياسي والدبلوماسي وغمرها التواضع بالقول "أكون في الوفد الدائم"، ولم يقل رئيساً له ومندوباً عن دولته، معتبراً نفسه جندياً في واحدة من سرايا الدفاع عن الكويت الغالية. وهكذا هو تواضع الكبار.
الأستاذ السفير والوزير السابق سليمان ماجد الشاهين بتقديمه للكتاب نوه بلمحة مستحقة بالقول: "إن هذا الإسهام الوثائقي إذ يصدر عن مؤلف قدير ومشارك فاعل في الأداء السياسي والدبلوماسي بأهم وأرقى مؤسسة دولية على المسرح العالمي يستحق منا كل تقدير واهتمام". "أبا مهند" ترك للمكتبة الوطنية مؤلفاً مرجعياً مهماً للباحثين والمهتمين بالشأن السياسي والدبلوماسي الكويتي والأممي، وأتمنى على باقي السفراء اللامعين المتقاعدين أمثال الأخوة فيصل الغيص وسليمان المرجان وعبدالعزيز الشارخ وغيرهم من الدبلوماسيين الكبار، تدوين تجاربهم الثرية بميادين الدبلوماسية، مثلما فعل بالأمس الأستاذان الكبيران عبدالله بشارة وسليمان الماجد الشاهين، واليوم الأستاذ محمد أبوالحسن، لإثراء المكتبة الوطنية وتعميق الاستفادة.قراءة مثل هذا الكتاب اليوم تعتبر شذرة ضياء في ظلمة نعيشها بالكويت جراء الإحباط المطبق الذي يلف الأجواء من طغيان الفساد وتسلط المفسدين والتراجع الشامل الذي يطبق على أنفاسنا ويدفعنا للدعوة بضرورة أن "نعيدها كما كانت" زاهية وبهية بشتى المجالات وبجهود الأنقياء من أبنائها.