تجديد الخطاب الديني
![د. سلطان ماجد السالم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/32_1703695080.jpg)
وبعد هذا وذاك، لاحظت على المستوى الشخصي أن هنالك أصواتاً قد تعالت في الكويت مطالبة المسؤولين بضرورة اتخاذ خطوات مماثلة تتمحور حول "تجديد الخطاب الديني للدولة"، وإن لم تدرك تلك الأصوات معنى ومفهوم تلك المطالبات ولا حتى مسماها الصحيح. مبدئياً وجب توضيح بعض الأمور هنا قبل البدء بطرح وجهة نظري الشخصية عن حالة الكويت والخطاب الديني، وعليه من الضروري أن أشيد بالتجربة المصرية في هذا المجال، حيث تمكنت مصر من تجاوز تلك المرحلة بذكاء واحتواء كل المطالبات والتوجهات تزامنا مع وجود قيادة جديدة لديها، بل استطاعت جمهورية مصر أن تحتوي أصوات النشاز والتطرف من كل الأقطاب، خصوصاً أنها تتعامل مع عدد كبير من الجماهير وتواجه تحديات إقليمية واقتصادية جمة ومصيرية، ولكن إن أردنا في الكويت أن نعيد التجربة وفي هامش للحريات ضئيل جدا، ودستور وجب تنقيحه وتعديله منذ ستة عقود وأكثر، فكيف ستكون الحال؟! مراجعة النصوص الدينية وتثبيت الصحيح منها وإزالة الغشاوة عن ضعيف الرواية ورفع وعي الشارع يحتاج إلى هامش كبير جداً من الحريات، وعدد كبير جداً من المؤتمرات الوطنية، وحلقات نقاشية، وتدشين مشروع وطني يحتضن كل الأديان في الدولة بجميع المذاهب والتوجهات حتى يتسنى لمثل تلك التجربة أن تحظى بشعبية كبيرة، وأن يتبناها الشعب ذاته، فإن تمت على وجهها الصحيح فسنجد أن النسيج الاجتماعي والسياسي قد ترابط أكثر والتف الشعب على مكوناته بصورة أعظم وأقوى مما هو عليه الآن، ولذلك وجب تعديل القوانين والنصوص التي تقيد حريات الناس وترك فسحة للتعبير دون أية ملاحقات أو محاسبات آجلة أو عاجلة، وإن لم يعجبنا الحديث المطروح للنقاش، ولعل كل ذلك جيد بل مثالي إن تزامن مع تنقيح للدستور الكويتي بهدف تطويره وجعله مواكباً للعصر والزمن. يفكر المرء ألف مرة في كتابة تغريدة على منصة "تويتر" وألف ألف مرة في كتابة مدونة أو مقال صحافي، فكيف إذا كان نقاشاً دائراً وذا مرجعية مدونة لنصوص تحوي الأديان والمذاهب متزامنة مع تنقيح دستوري؟! لذلك من الضروري والواجب أن تتم مراجعة هامش الحريات في الكويت وإعطاء الشعب إحساساً بأن النصوص القانونية لا تستخدم ضدهم البتة، ولعله بعد ذلك يمكننا أن نجدد خطابنا الديني، وأن نجعل الدستور والبرلمان والقوانين تحتوي الأديان كافة.