قضت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، في لاهاي امس بضرورة وقف روسيا غزوها لأوكرانيا على الفور.

وقال المستشار الرئاسي الأوكراني ميخائيلو بودولياك أمس، إن القوات المسلحة الأوكرانية تشن هجمات مضادة على القوات الروسية «في عدد من مناطق العمليات»، مضيفاً أن «هذه الهجمات تغير بشكل جذري تحركات الأطراف» غداة وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي المفاوضات مع روسيا بأنها «أكثر واقعية».

Ad

وأعلنت الرئاسة الأوكرانية أنها ترفض فكرة أن تكون كييف محايدة على غرار السويد أو النمسا، مطالبة بـ«ضمانات أمنية مطلقة» في وجه روسيا.

وقال بودولياك، «أوكرانيا في حالة حرب مباشرة مع روسيا الآن. والنسق لا يمكن أن يكون إلا أوكرانيا».

وأوضح أنه يريد «ضمانات أمنية مطلقة» يتعهد الموقعون عليها التدخل إلى جانب أوكرانيا في حال حصول عدوان.

وأضاف أن كييف تطالب أيضا بإقامة منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا في حال حصول هجوم على أراضيها.

وقال بودولياك «موقفنا في المفاوضات محدد تماما، ويتركز على ضمانات أمنية ملزمة قانونا، ووقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية. ويمكن فعل ذلك فقط من خلال حوار مباشر بين رئيسي أوكرانيا وروسيا الاتحادية».

وكان رئيس وفد التفاوض الروسي قال قبل انطلاق جولة جديدة من المحادثات أن أهداف روسيا من المفاوضات لم تتغير، وهي تريد «أوكرانيا سلمية ومحايدة ومستقلة».

وقال إن «الجانب الأوكراني اقترح إنشاء نسخة نمساوية أو سويدية لدولة منزوعة السلاح في أوكرانيا وعدد أفراد الجيش الأوكراني من بين القضايا التي لا نزال نبحثها»، مشدداً على أن «اجتثاث النازية بند مهم».

الكونغرس

وخلال كلمة بالفيديو أمام الكونغرس الأميركي، دعا زيلينسكي الرئيس جو بايدن إلى «أن تكون قائد العالم هو أن تكون قائد السلام».

وأكد زيلينسكي أن بلاده تنتظر من الولايات المتحدة تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا لحماية مجالها الجوي وفرض المزيد من العقوبات على روسيا بما يشمل سحب كل الأعمال الأميركية منها.

وتابع: «نمرّ كل يوم وكل ليلة بما مررتم به خلال اعتداءات 11 سبتمبر، والجيش الروسي أطلق ألف صاروخ حتى الآن لقتل شعبي، وهذا الإرهاب الروسي لم تشهده أوروبا منذ 80 عاماً»،.

وفيما كشفت «سي إن إن» أن واشنطن والناتو سيقدمان أنظمة متطورة للأوكرانيين تمكنهم من إسقاط صواريخ كروز، قال: «نحن نشكر الدعم الأميركي، وندعوكم لإصدار المزيد من العقوبات ضد روسيا، ونحتاج إلى كل ما يلزم من مساعدات سواء بعقوبات جديدة أو سلاح أو المال».

تراجع روسي

وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قال أمس، إن اقتراح أوكرانيا أن تصبح دولة محايدة على النمط السويدي أو النمساوي، لكن تحتفظ بقواتها المسلحة «يمكن اعتباره حلاً وسطاً»، ملمحاً إلى إحراز تقدم محتمل في مفاوضات السلام.

وقبيل استقباله نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن «توافق قريب» على بعض صيغ الاتفاقات مع أوكرانيا.

وأوضح لافروف في مقابلة مع قناة «أر بي سي» أنه «تتم مناقشة الوضع المحايد لأوكرانيا بجدية ونقترب من التوافق على بعض صيغ الاتفاقات».

وكان لافروف أبدى تشككه حيال فرص عقد لقاء القمة بين بوتين وزيلنسكي، معبترا أن عقدها ليس غاية في حد ذاته، في وقت أعرب جاويش أوغلو عن استعداد بلاده لاستضافة الرئيسين.

إلى ذلك، قال لافروف لنظيره التركي أن موسكو تثمن موقف تركيا «الموضوعي» على الرغم من وجود خلافات في وجهات النظر .

وأشار لافروف إلى أن روسيا خصوصاً ترى وتثمن المسؤولية التي تبديها أنقرة في تطبيقها اتفاقية مونترو الخاصة بشأن نظام المضائق.

أرفع اتصال

وتحدث مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان مع الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف، في أول اتصال رسمي رفيع المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الغزو.

وقال البيت الأبيض، في بيان، «قال السيد سوليفان للجنرال باتروتشيف إنه إذا كانت روسيا جادة بشأن الدبلوماسية، يجب على موسكو أن تتوقف عن مهاجمة المدن الأوكرانية».

وتعهد «مواصلة تحميل روسيا كلفة هجومها ودعم الدفاع عن سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها وتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الاطلسي»، كما أضافت الرئاسة الأميركية.

وتابع البيت الأبيض «حذّر سوليفان الجنرال باتروتشيف أيضاً من عواقب وتداعيات أي قرار روسي باستخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية في أوكرانيا».

مدن تقاوم

ميدانياً، أظهرت صور عبر الأقمار الصناعية، التقطتها شركة «بلانيت لابز بي بي سي» وحللتها الأسوشيتد برس، صحة ادعاءات أوكرانية بشن هجوم على مطار خيرسون الدولي، وقاعدة جوية أخرى تسيطر عليهما روسيا، مما أدى لنشوب حرائق في العديد من المروحيات والمركبات المتوقفة هناك.

وأظهرت الصور، التي التقطت أمس الأول، دخاناً أسود كثيفاً يتصاعد من الحرائق. وبدت ثلاث مروحيات على الأقل مشتعلة، بالإضافة لعدة مركبات. كما ظهرت مروحيات أخرى متضررة من ضربة سابقة على ما يبدو، على خيرسون التي تقع على بعد 450 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة، كييف.

وسمع دوي انفجارات قوية فجر أمس، في العاصمة الأوكرانية كييف، تلاها تصاعد أعمدة الدخان الأسود.

في مدينة ماريوبول التي تتعرض أيضاً للقصف في جنوب شرق أوكرانيا، ما زال الوضع سيئاً لكن تمكن نحو عشرين ألف مدني من مغادرة هذه المدينة الساحلية أمس الأول في أربعة آلاف سيارة، حسب الرئاسة الأوكرانية.

واستهدفت غارات أمس، مدينة زابوريجيا التي كانت بمنأى عن الهجوم الروسي وتحولت إلى ملاذ للفارين من مدينة ماريوبول المحاصرة بما في ذلك واحدة من محطات القطارات فيها، بحسب السلطات المحلية. وقال حاكم المنطقة ألكسندر ستاروخ عبر تلغرام: «تم قصف مواقع مدنية في زابوريجيا للمرة الأولى»، موضحاً أن «صواريخ سقطت على منطقة محطة زابوريجيا-2 ولم تؤد إلى سقوط ضحايا حسب البيانات الأولية». وأضاف أن «صاروخاً آخر سقط على حديقة النباتات».

بوتين والغرب

وفي وقت لاحق قال بوتين في كلمة متلفزة، أنه لا يسعى إلى «احتلال» أوكرانيا، لكنه شدد على استمرار الهجوم «حتى نزع سلاحها».

واعتبر بوتين أن «رغبة السلطات الأوكرانية في الحصول على السلاح النووي كانت تحدياً خطيراً، فقد كان باستطاعة نظام كييف الحصول في المستقبل المنظور على سلاح نووي هدفه روسيا، ونحن لا نسمح أبداً أن تكون أوكرانيا منطلقاً لتهديد أمننا».

وقال إن «العملية تسير بنجاح، بما يتوافق بدقة مع الخطط الموضوعة مسبقاً».

وأقر بأن «الشركات الروسية تتعرض لضغط كبير من الولايات المتحدة والغرب»، لكن «العقوبات الاقتصادية وجّهت ضربة للاقتصاد العالمي برمّته»، متهماً الغرب الذي وصفه بأنه «إمبراطورية الكذب» بأنه يريد إلغاء روسيا و»نحن لن نرضخ ولن نركع ولن نعيش برؤوس مطأطأة».

وقال بوتين إن الغرب يدفع أوكرانيا لمواصلة سفك الدماء من خلال تزويدها بالسلاح، مشيرا إلى أن «أفعال الغرب مشابهة لبرامج معاداة السامية في ألمانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي»، وان «الروس يتعرضون للتمييز في الخارج»، وزاعماً أن «حرية الصحافة في الغرب مزيفة».