لم تمنع الأحوال الجوية الباردة عشّاق الطرب من الاستمتاع ليل الأربعاء الماضي بأمسية من الفن العريق تنقّلت بين الفن الحضرمي والعدنيات الشهيرة مع الفنان سلمان العماري وفرقة وناسة اليمنية، ضمن الأمسيات التراثيّة التي تنظّمها "أكاديمية لوياك للفنون الأدائية- لابا" بالتعاون مع حديقة الشهيد.واحتشد وسط الحديقة أكثر من ألف وثلاثمئة شخص توّاقٍ إلى موسمٍ ثقافي وفني يعيد نبض الحياة إلى الساحة الكويتيّة، ووسط تصفيقٍ حاد وتفاعلٍ شديد، اعتلى العماري خشبة المسرح، مستهلا الحفل بأغنية "حس الضنا" من الفن الحضرمي.
وبين أنغام العود وصوته الشجي، أبحر الجمهور مع تراثٍ لا يزال راسخاً في ذاكرتهم ووجدانهم، وأدفأ ليلتهم الباردة، ثم قدّم الفنان اليمني محمد بالرعود أغنية "كلمة ولو جبر خاطر" من التراث اليمني نالت استحسان الجمهور.
ظبي اليمن
واستكمل العماري الأمسية، مطلقا العنان لباقةٍ من أجمل الأغاني التي أطربت الجمهور المتعطّش لهذا النوع من الفنون، فكان أن استرسل في روائع الفن اليمني، من خلال أغنية "ظبي اليمن"، قبل أن يقع اختياره من الفن ذاته على "غيار"، الأغنية الشهيرة للفنان أبوبكر سالم. وتألّق العماري في أغنية "على مسيري" التي غنّاها الكثير من الفنّانين بينهم أحمد فتحي، كما أدى عددا من الأغاني المعروفة مثل أغنية "ما تبت منه" و"ألا يودان يا طير سلم لي" و"منى خاطري". ودوماً يعتمد العماري على استجابة جمهوره والجو العام للحفلة ليقدم لهم برنامجه الغنائي، فواصل تأدية الأغاني الشعبية الشهيرة، وأبدع في "يا منيتي... يا سلا خاطري" من التراث اليمني و"قال الفتى قلبي" و"خلي قد هجرني" من ألحان الفنان اليمني عبدالله هادي سبيت.ولم تغب عن بال عشّاق الطرب ومحبّي الفنان الكويتي القدير، أغنية "السمر والبيض"، أكثر الأغاني التراثية المحبّبة إلى قلوبهم، فاختتم بها العماري أمسيته، وهي من الأعمال الغنائية البارزة للفنان الراحل عبدالله فضالة.أساس الغناء والفن
فرحة عارمة عبّر عنها العماري، الذي انضم إلى مجلس إدارة "لابا" عام 2020، قائلًا: "سعيدٌ جدًّا بلقائي الجمهور بعد هذا الغياب، فهو مَن يحفّزني على الغناء، ومَن يلهمني لاختيار الأغاني". ورأى، في تصريحٍ عقب الأمسية، أنّ "التراث هو أساس الغناء والفن. فهو ثقافة المجتمع، واليوم لم يبقَ من هذه الثقافة ومن الماضي سوى الغناء، بما يمثّله من ذاكرة الماضي. وحبّذا لو يتمّ الاهتمام بالتراث، لما يحمله من دلالاتٍ ومعانٍ، تعلّمنا الصبر والالتزام والتعاون".العماري، العاشق لفنّ الصوت والفولكلور الكويتي والفنون البحرية، شكر "لابا" على هذه الأمسية المنظّمة والجميلة. وأعرب عن أمله أن تُفتتح كلّ المهرجانات بالتراث، مردّدا: "تعالوا نُؤنس محبّي التراث، فجمهور الأمسية كان خير دليل على مكانة التراث في قلوب الناس بتحديهم البرد وسوء الأحوال الجوية".ومن جهته، قال الفنان العُماني المشهور بالفنون الحضرمية والعدنيات محمد بالرعود: "جمهور الكويت دائمًا مبدع، وقد سعدتُ بلقائه للمرة الثانية، كما بعودة الاحتفالات من جديد". وأعرب بالرعود، الذي يواصل السير بخطى الأغاني التراثية ويعمل على تجديدها وطرحها بشكلٍ مختلف، عن فخره بالمشاركة إلى جانب العماري في هذه الأمسية الطربية، مضيفا: "بو نواف فنانٌ قديرٌ يستحقّ كلّ الاحترام والتقدير، وتشرّفتُ اليوم بالمشاركة مع هذا الفنان الكبير".وكانت هذه الأمسية هي الثانية من سلسلة الأمسيات التراثية التي نظمتها "لابا" بالتعاون مع حديقة الشهيد للاحتفاء بالفنون التراثية المحلية والعربية. ومع أمسيات التراث هذه، عاد موسم حفلات "لابا" بعد غياب عامين جراء جائحة "كوفيد-19"، وكانت المحطة الأولى مع الفنان فيصل السعد، والفنانة سماح خالد في حفل حاشد يوم الاثنين الفائت.