الحرب الروسية - الأوكرانية والتأمين البحري
منذ أن اشتعلت الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، اشتعل معها كل شيء في معظم دول العالم، فارتفعت أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وأسعار كثير من المواد الغذائية، وظهرت بوادر أزمة غذائية في عدد من الدول، وهو ما سيضاعف المعاناة المعيشية في هذه الدول ويهدد أمنها الغذائي والاقتصادي والتجاري. ولروسيا وأوكرانيا ثقل دولي في إنتاج الغذاء والحبوب الأساسية، خصوصاً القمح والذرة والشعير وزيوت الطعام، ويمكن وصفهما بأنهما سلة غذاء العالم؛ حيث تتربع روسيا على مقعد أكبر مصدر للقمح في العالم، ورابع أكبر مصدر للذرة، وتمثل أوكرانيا رابع أكبر مصدر للقمح والذرة الصفراء على مستوى العالم، حيث صدرت الدولتان 30% من القمح المتاح للتجارة العالمية في 2020، وصدرت أوكرانيا وحدها 17% من كمية الذرة والشعير المتاحة للتجارة العالمية في السنة نفسها. ولم يكن النشاط البحري بعيداً عن هذه الأزمة، التي يمر بها العالم وتداعياتها من خلال فرض عقوبات على روسيا، في ظل صعوبة وصول البواخر، وتوقّف حركة الملاحة على البحر الأسود؛ حيث يُعدّ الشحن البحري مسؤولاً عن نقل نحو 90% من التجارة العالمية.
أمام كل ذلك، تأثر سوق التأمين البحري تأثيراً كبيراً في هذه الحرب، وهو الذي كان يعاني منذ فترة؛ بسبب حركة الشحن العالمية والتحديات التي تواجهها، كما شهدت حركة الشحن البحري من منطقة البحر الأسود، منذ اندلاع الحرب، ارتباكاً شديداً، وتوقف عدد من الخطوط الملاحية من أوكرانيا وإليها، وهو ممر مهم لشحنات الحبوب والمعادن والنفط الروسي إلى بقية العالم، مما دفع عدداً من الشركات اللوجيستية إلى البحث عن أسواق بديلة لتعويض ما سيتم إزاء توقف الخطوط الملاحية مع الدولتين، وتتمثل تلك البدائل في عدة دول منها "رومانيا، وفرنسا، والبرازيل، والأرجنتين". وأدت إضافة المياه الأوكرانية والروسية في البحر الأسود وبحر آزوف إلى قائمة المناطق المعرضة للخطر إلى ارتفاع أقساط التأمين المطلوبة لشحن البضائع أو نقلها عبر هذه المياه، وهو ما سيؤثر في أسواق دول الخليج العربي.كما أن المخاوف من زيادة أسعار التأمين البحري وشحن البضائع ستبقى قائمة، إذا لم تتوقف الحرب، أو أن تبحث الدول المتأثرة بها عن حلول بديلة تضمن لها انخفاض أسعار التأمين، وتحافظ بذلك على أسعار معقولة في حاجاتها من النفط والقمح والزيت والمعادن... وغيرها من المواد التي تعتمد على الملاحة البحرية.