مع قدوم شهر رمضان من كل عام تطرح أسئلة كثيرة في الدول العربية والإسلامية عن بداية الشهر الكريم وكيفية رصد الهلال وتوقيت ذلك، إليك أهم ما يجب أن تعرفه.

من المعروف أن القمر تابع للأرض ويدور حولها في حركة ظاهرية تستغرق حوالي 29.5 يوماً، ويمكن ملاحظتها من خلال تأخر غروبه اليومي بحوالي 50 دقيقة.

Ad

ونتيجة لذلك يظهر في أطوار مختلفة، فيبدو للمشاهد في أول الشهر القمري كهلال رقيق بُعيد غروب الشمس ثم يتطور إلى تربيع وتحدب إلى غاية اكتماله في هيئة البدر، قبل أن يتراجع في أطواره إلى أن يصبح هلالاً متناقصاً في آخر الشهر، ويختفي عن الأنظار بسبب محاذاته الشمس.

ويحدث خلال المرحلة الأخيرة الاقتران المركزي -أو المحاق- عندما تصطف الأرض والقمر والشمس على خط واحد، تليها ولادة الهلال وبداية الدورة القمرية الجديدة.

ما الشروط الأساسية لرصد هلال رمضان؟

يقول الدكتور عمار السكجي رئيس الجمعية الفلكية الأردنية في تصريح خاص للجزيرة نت إنه «يتعين توفر شروط أساسية لاعتماد هلال الشهر الهجري الجديد مثل حدوث الاقتران المركزي الذي هو حدث كوني لا يختلف حوله الفلكيون، ثم غروب القمر بعد غروب الشمس ورؤية الهلال بعد غروب الشمس، وذلك حسب الشروط والمعايير التي وضعها الفقهاء».

بالإضافة إلى الحساب الفلكي للاقتران المركزي وغروب القمر بعد غروب الشمس، «هناك شروط ثانوية معيارية لحساب إمكانية الرؤية مثل المدة الزمنية الفاصلة بين غروبي الشمس والقمر، أو مكوث القمر، وعمر القمر وبُعد مركز القمر عن مركز الشمس بالدرجات كما يرى من الأرض «الاستطالة»، والارتفاع عن الأفق وسمك الهلال وطول قوس الهلال».

ما معايير رؤية هلال رمضان؟

بحسب ورقة علمية ألفها الباحثان نجيب محمود جراد وبتول عنيزي بندر من جامعة الأنبار بعنوان «إيجاد معادلة جديدة لاحتمالية رؤية أهلة الأشهر القمرية»، تحدد المعايير المستخدمة لرصد الأهلة خصائص الهلال الذي يمكن مشاهدته بالعين المجردة، أهمها «عمر الهلال ومدة مكثه وبعده عن الشمس» يمثل معيار عمر الهلال مقدار الزمن الممتد بين لحظة الاقتران ولحظة غروب الشمس في منطقة معينة، فالقمر بحاجة إلى فترة زمنية بعد ولادته حتى يبتعد عن الشمس وتبدأ حافته بعكس أشعة الشمس لنراه على شكل هلال.

وبحسب المعايير الفيزيائية فإنه من شبه المستحيل أن يُرى الهلال الذي يقل عمره عن 16 ساعة بالعين المجردة.

أما معيار مكث الهلال فيحدد المدة ما بين غروب الشمس وغروب القمر بمكث الهلال، وبحسب الدراسات الحديثة فإنه من الصعب جداً رؤية الهلال بالعين المجردة إذا قل مكثه عن 30 دقيقة.

إضافة إلى ذلك، لا تكون ممكنة رؤية الهلال إلا إذا كان قد ابتعد عن مركز الشمس بحيث صار القمر يعكس مقداراً من الضوء يمكن رؤيته.

ولذلك فإن نسبة إضاءة القمر من العوامل المهمة أيضاً في إمكان رصده، وقد توصل العالم الفرنسي دانجون عام 1936 إلى تحديد الاستطالة الدنيا التي تمكن الراصد من مشاهدة الهلال وقدَّرها بـ7 درجات.

متى يظهر هلال رمضان لهذا العام 1443ه؟

يقول الدكتور السكجي «إذا طبقنا كل ذلك على هلال شهر رمضان القادم، نجد أن الحسابات الفلكية لهذا العام تؤكد أن الاقتران المركزي -تولّد هلال شهر رمضان- سيكون يوم الجمعة الأول من أبريل القادم، الموافق 29 شعبان 1443 على الساعة التاسعة صباحاً و24 دقيقة بتوقيت مكة «السادسة و24 دقيقة بالتوقيت العالمي»، وبالتالي فإن دخول الشهر القمري الجديد فلكياً سيكون يوم السبت 2 أبريل 2022».

متى سيتم تحري هلال رمضان في السعودية؟

وفقاً للحسابات التي أجرتها الجمعية الفلكية الأردنية، من المنتظر أن يمكث الهلال بعد غروب الشمس في يوم 29 شعبان 1443 هـ، الذي يوافق الأول من أبريل لعام 2022 في مكة المكرمة حوالي 17 دقيقة، ويكون عمره حوالي 9 ساعات و11 دقيقة.

أما في الرياض فسيكون موعد غروب الشمس ليلة تحري هلال رمضان على الساعة السادسة و9 دقائق، وغروب القمر السادسة و24 دقيقة، لتكون مدة مكثه 15 دقيقة وعمره حوالي 9 ساعات، وهي ظروف لا تتيح كما ذكرنا رؤية الهلال بالعين المجردة.

متى سيتم تحري هلال رمضان في بعض المدن العربية والأوروبية؟

وفي القاهرة حيث ستغرب شمس يوم الجمعة غرة أبريل القادم على الساعة السادسة و13 دقيقة، سيكون عمر هلال رمضان لهذا العام 9 ساعات و49 دقيقة وستبلغ مدة مكثه 17 دقيقة.

وفي عمان سيمكث الهلال بعد غروب الشمس 16 دقيقة وهو بعمر 9 ساعات و31 دقيقة.

وفي تونس والجزائر وباريس ولندن سيمكث هلال رمضان 20 دقيقة بعد غياب شمس يوم الجمعة وقد تجاوز عمره 11 ساعة.

هل يمكن رؤية هلال رمضان يوم الجمعة الأول من أبريل؟

يقول الدكتور السكجي «بما أن شروط الرؤية حسب المعايير المعروفة غير متوفرة يوم الجمعة، فإنه لا يمكن رؤية الهلال في جميع دول العالم الإسلامي من شرق خط غرينتش إلى شرق روسيا».

في المقابل ووفقاً للحسابات التي أجرتها الجمعية الفلكية الأردنية، فإن رؤية هلال رمضان ستكون ممكنة بالتلسكوب و«حسب الرصد المعياري المحترف» في بعض مدن العالم مثل العاصمة السنغالية دكار، حيث ستصل مدة مكث الهلال حوالي 26 دقيقة وعمره 12 ساعة و47 دقيقة، ومناطق أقصى الغرب الأفريقي وكذلك في مدن أميركا الشمالية مثل واشنطن، حيث سيزيد عمر الهلال بعد غروب الشمس عن 17 ساعة ومكثه حوالي 35 دقيقة.

أما يوم السبت الثاني من أبريل القادم، فإن هلال شهر رمضان سيكون مرئياً بالعين المجردة في كل البلدان الإسلامية.

متى سيكون أول يوم من رمضان؟

بحسب الدكتور سفيان كمون رئيس الجمعية التونسية لعلوم الفلك في حوار خاص بالجزيرة نت، فإن الوضعية التي سيكون عليها الهلال يوم الجمعة 29 شعبان 1443 هـ، من المرجح أن تؤدي إلى اختلاف بين الدول العربية والإسلامية في تحديد بداية شهر رمضان المبارك، «فمساء الجمعة الأول من أبريل القادم يكون الاقتران المركزي قد وقع، لكن رؤية هلال رمضان ستكون غير ممكنة، وفي هذه الوضعية عادة ما تعتمد كل دولة على معايير خاصة بها رغم وجود اتفاقية إسطنبول التي وضعت أرضية لتوحيد التقويم الهجري».

وبناءً على ما سبق، من المتوقع أن تعلن الدول الإسلامية التي تعتمد الرؤية مع الاستئناس بالحساب في تحري بداية الأشهر في التقويم الهجري، أن اليوم الأول من شهر رمضان سيوافق يوم الأحد الثالث من أبريل القادم، بينما سيكون حلول الشهر الكريم بالنسبة للدول التي تعتمد الحساب الفلكي في تحديد بدايات الأشهر مثل تركيا، يوم السبت الفاتح من أبريل.

هل يمكن اعتماد تقويم موحد؟

جرت العديد من المحاولات في السابق لتوحيد التقويم الهجري كان آخرها مؤتمر إسطنبول الذي عقد في مايو من عام 2016.

وقد أقر المشاركون من فقهاء وعلماء فلك، حسب موقع مجلس الإفتاء الأوروبي، اعتماد تقويم هجري دولي واحد يقوم على إمكانية إثبات رؤية موحدة للهلال في العالم، سواء كانت بالعين المجردة أم بأجهزة الرصد، ولكن دون الاعتداد باختلاف المطالع وبما لا يتعارض مع أي نص شرعي أو قاعدة فلكية قطعية.

وبحسب هذا التقويم، الذي لم يتم تطبيقه إلى حد اليوم في جل الدول، فإن الأول من شهر رمضان لهذا العام يكون يوم السبت الثاني من أبريل 2022.

من ناحيته، يرى الدكتور كمون أن اعتماد تقويم هجري موحد ممكن بالاستناد لأول نقطة يُرصد منها الهلال، وفي هذه الحالة تنقسم الكرة الأرضية إلى منطقتين المنطقة الواقعة غرب تلك النقطة وتعتبر قد دخلت في الشهر الجديد، والمنطقة الواقعة شرقها تنتظر اليوم التالي.

كما يمكن بحسب الخبير الفلكي التونسي «اعتماد تقويم أم القرى من طرف جميع الدول الإسلامية وينبغي أن يكون الهلال مرصوداً من مكة، في هذه الحالة، لاعتماد دخول الشهر الجديد».