وجهة نظر: المتقاعدون وعشق الحكومة للحلول الترقيعية!
رغم نداءاتنا وكتاباتنا المتكررة في الأشهر الثلاثة الماضية عن الحل المستدام لإشكالية ضعف القيمة الشرائية لمكافآت المتقاعدين، وتأكيدنا أن توزيع الأرباح ليس بالحل الأنسب، فإن الحكومة وعن سبق إصرار وترصد، أبت إلا وأن تختار حلولاً شعبوية وترقيعية غير مستدامة، مردودها الآني مُفرح لكن مدى أثرها قصير!إن توزيع الأرباح لا يمكن الاستمرار به، والسبب هو أن العوائد الطبيعية لصناديق التأمينات (الحكومية) لا تتجاوز 8%، وما حدث في عام 2020-2021 كان استثنائياً ولن يتكرر على الأغلب، فضلا عن أن فكرة توزيع الأرباح هي هرطقة لم تشهد لها مثيل صناديق التأمينات العامة في العالم، لذلك نرى أن قرار توزيع 3000 د.ك. على المتقاعدين والمستحقين ولمرة واحدة من الخزانة العامة كان مخرجاً يحفظ ماء وجه مسؤولي "التأمينات الاجتماعية"!نؤكد على رأينا بأن التعديلات المقترحة لا تحل المشكلة الأساسية، وهي: تآكل مكافأة المتقاعد بفعل التضخم (زيادة الأسعار) السنوي، فتوزيع 3000 دينار ولمرة واحدة، وكذلك تثبيت الزيادة عند 20 دينارا كل سنة، سيعيدنا بعد سنوات قليلة إلى المربع الأول، وهو أن القيمة الشرائية لمكافأة المتقاعد لا توفر له الحياة الكريمة، فحسابيا نجد أن الـ 20 دينارا تُمثّل 1.43% زيادة سنوية بالمتوسط على المكافأة، أي 50% من متوسط نسبة التضخم 2.83% في الكويت. زد على ذلك أن نسبة التضخم قد تتجاوز 4% لو تم حسابها بطريقة صحيحة!
الحل المُستدام والمعمول به في صناديق أميركا وبريطانيا وغيرهما من الدول الرائدة بسيط: زيادة مكافأة المتقاعد السنوية بما يعادل نسبة الزيادة المتوقعة في الأسعار (التضخم). على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تمت زيادة مكافأة المتقاعد 5.9% في عام 2022، وفي بريطانيا تمت زيادتها 3.1% لنفس السنة.ما يذهلني هو إصرار الحكومة على تبني حلول ترقيعية لمثل هذه المشاكل المزمنة، وكأنها تتعمد الإبقاء على تلك المشاكل حيّة تتوارثها الأجيال! ولو كنت نائباً في مجلس الأمة لعملت على تبني حل مفاده: 3000 دينار مكافأة لمرة واحدة وزيادة سنوية مُقدّرة بنسبة التضخم. ميزة هذا الحل هي أنه شعبوي ومستدام أيضا.