حوار كيميائي : استثمار لا إشغال!
إحدى إشكاليات قضايا الشباب أن الدولة تفكر في إلهائهم وإشغالهم بتفريغ طاقتهم، وتخفيف تداعيات فراغهم وتقلبات مزاجهم، ولا تنظر إليهم على أنهم "استثمار" للحاضر والمستقبل، وأن تمكينهم سيعود نفعاً وأثراً مباشراً على جميع مناحي الحياة، خصوصاً أننا نعيش "هبة" من الله تتمثل في نسبة الشباب الذين تقل أعمارهم عن ٣٥ سنة تصل إلى ٧٢ في المئة أكرمنا المولى بها ضمن ما حبانا من موارد وثروات.أتذكَّر حين كنا صغاراً كانت النيران تعلو محطات النفط في الشعيبة وغيرها، وكانت تُثيرنا مشاهدها. اكتشفنا لاحقاً أننا نهدر مواردنا، بل تتسبب بالضرر على بيئتنا وأجوائنا، قبل أن تتحول هذه الأنواع من العوادم إلى استثمار حقيقي حال دخول تقنيات جديدة وتقدم في مسيرة أبحاث النفط، وتصدي قيادات ذات كفاءة لتحويل هذا الفاقد إلى استثمار يعود على خزينة الدولة بالخير الوافر! الشيء نفسه ربما يحدث للشباب، هذه المواهب النادرة والعقول الفذة نستنزفها بالبيروقراطية وأساليب الإدارة البالية، ولا نوفر لها الحاضنات اللائقة، حتى تُجرب وتتعلم وتنمو، بل حتى ميدان الرياضة أثقلناه بالصراعات النقابية، وصار حديقة خلفية للنفوذ والتأثير.فاجأتني متطوعة تتبنى مبادرة غير مسبوقة تقول: أبحث عن الشباب الذين تخرجوا في أهم ١٠ جامعات في العالم، وأشترط تفوقهم فيها، وأستكشف أين هم الآن في مؤسسات الدولة، ثم أسعى جاهدة باتصالاتي وعلاقات فريقي التطوعي إلى إعادة تسكينهم في وظائف لدى أفضل مؤسساتنا الوطنية التي تتناسب مع تخصصاتهم وقدراتهم. كانت تتكلم وهي تتألم من بعض النماذج التي طالها الإهمال، وعانت التهميش، وغاب عنَّا جميعاً حس "الاستثمار" في مواهب الشباب.
علينا جميعاً أن نذكِّر أنفسنا دائماً بما قدَّمناه للشباب من فرص ومساحات للمشاركة والإبداع، وما أنجزناه لهم من دعم وخدمات. علينا أن نراجع أجندتنا الوطنية، ونعمل على تحديث السياسات التي اتبعناها، ونتوثق من تحقيق غاياتها. نعم لدينا الكثير من الإحباط الذي لوَّثنا به واقع الشباب، لكن لدينا كذلك الأمل الذي يقودنا للعمل والوصول إلى نهايات أجمل لشبابنا وأجيالنا القادمة. ***"catalyst" مادة حفازة:طاقات شبابية + عدم استثمارهم = خسارة جيل كامل