«وميض» مظلمة... و«ذاكرة صفراء» أعادت الأمل ثم قتلته

بدر محارب: للأسف المأساوية والصراعات سيطرت على أعمال الشباب

نشر في 20-03-2022
آخر تحديث 20-03-2022 | 00:00
رغم عنوانها المشع، فإن الظلام كان الحالة التي حلَّت على جمهور مسرحية «وميض»، حتى جاءت مسرحية «ذاكرة صفراء»، التي أعادت الأمل في مشاهدة عروض أكثر وضوحاً وإمتاعاً، وسرعان ما انطفأ هذا الأمل، بقتل البطل نفسه، لتظل المأساة والسوداوية سمة عروض أيام المسرح، رغم أن صُناعه من الشباب عنوان الأمل والتفاؤل.
ضمن فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الـ 13 المقام على مسرح الدسمة، انطلق عرض مسرحية "وميض"، مساء الخميس الماضي، وفي اليوم التالي (الجمعة) تم عرض مسرحية "ذاكرة صفراء"، كما عُقدت ندوة اللجنة الفنية لاختيار نصوص المهرجان، برئاسة الكاتب بدر محارب، الذي قال إن عروض المهرجان سيطر عليها الظلام والمظالم والصراعات والحروب، رغم أن صُناعها من الشباب.

قدَّم طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، مسرحية "ذاكرة صفراء"، وهو العرض الرابع ضمن المسابقة الرسمية لفعاليات الدورة الـ 13 لمهرجان أيام الشباب المسرحي على مسرح الدسمة، وهو تأليف عباس الحايك، إعداد عبدالرحمن الموسوي، وإخراج سلمان كايد، وبطولة: نوح الحسيني، دانة هيسم، حسن عبدال، محمد المنصوري، محمد الزنكي، نورة العزاز، والطفل راشد الراشد.

البعد النفسي

ملامح العرض بدأت من المشهد الأول، فهو يتسم بالبعد النفسي، وذكر الحروب وانعكاساتها على النفس البشرية، أحمد الطفل الذي كان يلعب في حديقة برفقة والدته تأتي غارة وتقتلها أمام عينيه، ويُصاب بتشوه في الوجه، نتيجة انفجار لغم. يتعرض للشتات من جبال إلى سواحل بعد الحرب، ويستقر بالنهاية في منزل بعيد، حتى التقى الفتاة التي أحبته، وهي "أمل"، لتعطيه الأمل من جديد، وتتصارع مع ماضيه، إلا أن النهاية المأساوية جاءت بأن رفض "أحمد" البطل التخلي عن آلامه المحبوسة في ذاكرته الصفراء، ليختار أن يسافر معها إلى حيث لا رجعة، والانتحار شنقاً.

عرض مسرحية "ذاكرة صفراء" رغم الصورة القاتمة، لكن المؤلف استطاع أن يضع له إيقاعا من البداية، محاولا أن يرسل رسالة بأن أقرب الناس من السهل أن يكون عدوك، فالحالة التي وصل إليها الأب من محاولة قتل المشاعر، لدرجة أبعدت أحمد عن الرسم، تؤكد ذلك، لكن ملامح النص كانت أكثر نضوجا. أما الإخراج، فجعل العرض أكثر رشاقة، وغابت عنه الرتابة والملل.

تشتت وضعف

أما "وميض"، فقد قدمتها فرقة تريند برودكشن، للكاتبة فلول الفيلكاوي، والمخرج هاني الهزاع، وجسَّد الشخصيات الفنانون: ميثم الحسيني وعامر بوكبير ومهدي دشتي وفاطمة العصيمي وضاري الرشدان.

وتناولت المسرحية مجموعة من القضايا الإنسانية، كالطبقية والصراع مع السُّلطة، والصراع الأزلي بين الخير والشر، والحروب واللجوء والطائفية، ما يعكس حالة من زحام القضايا والتشتت والضعف في عدة مواقف، نتيجة عدم التركيز على فكرة أساسية يمكن أن يتبلور حولها العمل بوضوح.

ونتيجة غياب رؤية واضحة، انتقل التشتت ذاته للجمهور، فضلاً عن النقاد، حيث أكد أستاذ النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية د. طارق جمال، في الندوة النقاشية للعرض، أن "المخرج التزم بالنص، وهو أمر ليس هينا، إلا أن العرض تحول إلى حالة من العبث، وانتهى به".

اختيار العروض

وخلال ندوة اللجنة الفنية، برئاسة بدر محارب، كشف عن معايير اختيار العروض المشاركة في منافسات المهرجان، وأهمها توافر الحد الأدنى من معايير النص المسرحي، من حيث أبعاد الشخصيات والحوار والقصة، وغيرها من الأمور، مؤكدا أن اللجنة تعمدت اختيار أفضل النصوص، مهما قل عددها، لأن اختيار عدد أكبر ولكنها ضعيفة سيكون خطأ في حق اللجنة، التي تحملت عبء تقديم أفضل النصوص للجمهور ولجنة التحكيم ورواد المهرجان.

وأوضح محارب أن اللجنة الفنية تتضمن الفنانين: المخرج عبدالعزيز صفر، والكاتبة تغريد الداود، والممثل علي الحسيني، والمخرج والديكور أحمد البناي، كاشفا عن أن اللجنة تلقت 11 عرضا، منها 9 نصوص مطبوعة، واثنان عن طريق البريد الإلكتروني، وتم اختيار أفضل 6 نصوص اتفقت عليها اللجنة، فيما تعذر مشاركة النص السادس، لاعتذار فريق العمل، فأصبحت العروض المتنافسة 5.

شروط المسابقة

وحول شروط التقدم للمسابقة والمشاركة بالمهرجان، أكد محارب أن باب المنافسة مفتوح للكويتيين وغيرهم، لكن النصوص المقدمة جميعها كانت لكويتيين، ما عدا نص "ذاكرة صفراء"، فهو تأليف الكاتب السعودي عباس الحايك.

ولفت إلى أن اللجنة أعطت أيضا ملاحظاتها الرقابية، وهي أمور يجب على صُناع العمل الالتزام بها، وجميع العروض جاءت متوافقة رقابيا، إلا أن نصائح اللجنة الفنية لم يتم تنفيذها من قبل صُناع الأعمال، سواء على مستوى الحركات أو الألفاظ والجُمل وغيرها من الملاحظات.

وعن عدم التزام المخرجين بنصائح اللجنة الفنية، قال محارب: "لا أريد أن أسميها غطرسة من المخرجين الشباب، فربما يكون لديهم رؤية خاصة، ونحن نتيح لهم الفرصة، كما نطالبهم بالاطلاع على المهرجانات الكبرى والعروض المسرحية في الدول المجاورة، وحول العالم أيضا، ليكون تمسكهم برأيهم عن رؤية حقيقية ودراية ووعي بأساسيات المسرح السليم".

ولفت إلى أنه لا يؤيد مشاهدة البروفة النهائية قبل العرض، لأن رقابة اللجنة الفنية قد تصيب الفنانين بالقلق، ولا تمنحهم الحرية الكاملة للتحرك بأريحية على المسرح.

أقل وهجاً

واعترف محارب بأن الدورة الـ 13 من مهرجان أيام المسرح للشباب تعد أقل وهجاً على مستوى العروض أو إقبال الجمهور، أو حتى عدد النصوص المشاركة، وفسَّر ذلك بضيق الوقت قبل المهرجان، حيث تم التجهيز له في أقل من شهرين، وهي مدة قصيرة جداً لم يتسنَّ معها الاستعداد الكامل للعروض أو الدعاية الكافية للمهرجان.

وأعرب عن انزعاجه من السوداوية التي سيطرت على نصوص المهرجان، والذي رغم أنه شبابي، وكان من المفترض أن يتحمل جرعة أكبر من التفاؤل، فإن جميع الأعمال جاءت بعيدة عن الكوميديا ومأساوية، وتعاني صراعات وحروباً ومظالم، وكأنها حالة مسيطرة على الشباب ونصوصهم.

وحول مدى رضاه عن العروض المشاركة بالمهرجان، أكد محارب أن اللجنة فصلت بين رأيها الشخصي ومعايير الاختيار، لذلك هناك بعض العروض غير راضٍ عنها على مستوى البناء الدرامي أو الفكرة أو غيرها من الأمور، إلا أنه أوصى بمشاركتها، لتأخذ فرصتها في التطور والتقييم.

عزة إبراهيم

back to top