نشرت مجلة «أتلانتيك» الأميركية تحليلاً لياسمين سرحان، تستعرض فيه كيف «ابتلع» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيلاروسيا، وسط صمت من الغرب، قبل أن يُقدِم على مغامرته الأبرز بغزو أوكرانيا.

وتقول سرحان، إن بوتين تمكن بفاعلية من تحويل دولة سوفياتية سابقة إلى امتداد للأراضي الروسية على مرأى ومسمع من الولايات المتحدة وأوروبا، دون إطلاق رصاصة واحدة.

Ad

وتضيف أن العالم بات فجأة ينظر إلى بيلاروسيا على أنها دولة تابعة، رغم أنه منصوص على حياد جيشها في الدستور، بل وعادة ما اشتكى رئيسها ألكسندر لوكاشنكو من التدخل الروسي، بعد احتجاجات العام 2020 ضد الانتخابات الرئاسية، التي نجا منها لوكاشنكو بمساعدة موسكو التي وفَّرت له دعماً أمنياً والتمويل اللازم لتجاوز العقوبات الغربية.

وتلفت الكاتبة إلى أنه بعد عامين، آتى الاستثمار الروسي أُكُله على نحو كبير، ففي الأشهر الأخيرة الماضية، اعترف لوكاشنكو بضم روسيا للقرم وتعهَّد بدعم موسكو في أي صراع عسكري. ومن المتوقع إجراء تعديل دستوري قريباً لشطب المواد التي تضمن حياد بيلاروسيا رسمياً، بالإضافة إلى شطب التزامها بألا تستضيف على أراضيها سلاحاً نووياً.

وعلق فراناك فياتشوركا، مستشار كبير لدى قائدة المعارضة البيلاروسية سفيَتلانا تسيخانوسكايا المنفية في ليتوانيا قائلاً: «نحن نشهد في بيلاروسيا نسخة أنعم مما نشهده في أوكرانيا، الاختلاف الوحيد هو أنه في أوكرانيا تواجه الدولة الاحتلال، أما في بيلاروسيا فإن الدولة تدعمه».

وتشير الكاتبة إلى تحول كبير له تداعيات أمنية وعسكرية وهو إعلان الحكومة البيلاروسية في فبراير الماضي احتمال أن يبقى بشكل دائم على أراضيها 30 ألف جندي روسي.

وترى أن الخطوة لا تمثل انتهاكاً للسيادة البيلاروسية فحسب، بل تمثل تحدياً لـ«الناتو» بوصفه الكفيل الأمني في البلطيق، إذ تشترك بيلاروسيا في حدودها مع ثلاث دول أعضاء في الحلف.

ويلفت التقرير إلى مخاطر أن تسيطر روسيا على «ممر سواوكي» وهو عبارة عن شريط حدودي بطول 105 كيلومترات على الحدود البولندية-الليتوانية، ويربط بيلاروسيا بجيب كالينينغراد الروسي المعزول عن بلده الأم، كما يربط دول البلطيق ببقية دول «الناتو» في أوروبا.

وإذا استولت القوات الروسية على الممر، فلن يكون لديها طريق سريع يصلها ببولندا وليتوانيا فحسب، بل ستكون قادرة أيضاً على فصل دول البلطيق الأعضاء في «الناتو» عن بقية دول الحلف.

ومع إقرارها بأن المشكلة بالنسبة إلى بيلاروسيا هي أن قيادتها ترحَّب بوجود موسكو على عكس أوكرانيا، وإن قادة المعارضة مسجونون ومنفيون، تتحدث سرحان عن فداحة ثمن تجاهل الغرب لهذه القضية، مؤكدة أنه ما دامت القوات الروسية على الأراضي البيلاروسية، فإن بوتين ستكون لديه الوسائل اللازمة لتهديد كييف وحلف الناتو عن قرب، وخاتمة أن «ما بدأ في بيلاروسيا، لن ينتهي بالضرورة عند حدودها».