الإمارات: استقبال الأسد تكريسٌ للدور العربي في سورية
●قرقاش: مستمرون في سياسة خفض التوترات
● واشنطن تشعر بـ «خيبة أمل وانزعاج»
وضع المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لبلاده، أمس الأول، في خانة «ترميم البيت العربي وانتهاج سياسة واقعية تجنّب المنطقة التدخلات الخارجية والأزمات والفتن»، في حين أعربت الولايات المتحدة عن «خيبة أمل وانزعاج عميقين»، مما وصفته بـ «المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية» على الحكومة السورية.
غداة قيام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة تاريخية إلى الإمارات، هي الأولى له لدولة عربية منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، أمس، أن الإمارات مستمرة في انتهاج سياسة واقعية تجاه خفض التوترات وتعزيز الدور العربي في مقاربة عملية لإيجاد حلول لأزمات المنطقة.وأوضح قرقاش عبر «تويتر» أن «الظروف الإقليمية المعقدة تستوجب تبنّي منهج عملي ومنطقي لا يقبل تهميش الجهود العربية الساعية لمواجهة التحديات وتجنّب شرور الأزمات والفتن».ورأى المسؤول الإماراتي أن زيارة الأسد تنطلق من توجّه الإمارات الرامي إلى تكريس الدور العربي في الملف السوري، مضيفاً أنها تأتي من قناعة إماراتية بضرورة التواصل السياسي والانفتاح والحوار على مستوى الإقليم.
وتابع: «المرحلة تحتاج إلى خطوات شجاعة لترسيخ الاستقرار والازدهار وضمان مستقبل المنطقة ورفاه شعوبها».
تحسُّن... وخيبة أمل
وفي وقت تشكّل خطوة الأسد باتجاه أبوظبي تحسناً محتملاً في علاقات سورية مع الدول العربية التي فرضت عزلة على نظام دمشق، الذي وثّق تحالفه مع إيران وروسيا في المقابل، انتقدت الولايات المتحدة الزيارة، قائلة إنها «أصيبت بخيبة أمل شديدة».وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن «خيبة أمل وانزعاج عميقين» من زيارة الرئيس السوري إلى الإمارات، مؤكدةً رفضها لما وصفته بـ «المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية» على الحكومة السورية.وكرر البيان كلام وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، حول «عدم دعم جهود إعادة تأهيل الرئيس الأسد».استنكار المعارضة
في غضون ذلك، استنكر نشطاء وصحافيون سوريون استقبال الإمارات للأسد، خاصة أنها تزامنت مع الذكرى السنوية الحادية عشرة من عُمر الانتفاضة السورية، التي اندلعت في 14 مارس 2011، حيث اعتبر بعضهم أن الخطوة بمنزلة «رد إماراتي على مطالب الشعب السوري».وضم وفد الأسد، الذي التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الإماراتية منصور بن زايد في لقاء منفصل، وزير خارجيته فيصل المقداد، ووزير شؤون رئاسة النظام منصور عزام، ونائب وزير الخارجية بشار الجعفري.استراتيجية وترقّب
وأمس الأول وصل الأسد إلى الإمارات، واستقبله نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي محمد بن راشد، الذي أكد أن الإمارات حريصة على اكتشاف مسارات جديدة للتعاون البنّاء مع سورية، ورصد الفرص التي يمكن من خلالها دفع أوجه التعاون المختلفة قُدماً بما يحقق مصالح الشعبين.وتمثّل زيارة الأسد لدولة الإمارات ولقاؤه بن راشد، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة محمد بن زايد، ثمرة خطوات سياسية بدأت منذ ديسمبر 2018، عندما أعلنت الإمارات إعادة فتح سفارتها بالعاصمة السورية دمشق، لتكسر سنوات من الجمود السياسي مع دخول النزاع السوري عامه الـ12. وقد كانت إعادة فتح السفارة خطوة استشرافية، بمنزلة التأكيد الأول على أنه لا بدّ من عودة هذا البلد العربي إلى مكانه في الجامعة العربية.وتسعى الإمارات، التي تنشط بحيوية في التعامل مع عدة قضايا إقليمية؛ منها اليمن وليبيا والعراق ولبنان والسودان، وفق مسؤولية تقوم على ترميم العلاقات العربية - العربية، كي لا تترك الفراغات للقوى الإقليمية والدولية المتربصة بالعالم العربي.وترى أبوظبي أن زيارة الأسد تمنح سورية فرصتها للعودة إلى البيت العربي عبر الباب الإماراتي بعدما حدث من خلل في العلاقة مع دمشق، دفع ثمنه الشعب السوري الذي عانى عشريّة فوضى واقتتال، دفعت المنطقة إلى صراعات بينية عملت على تفتيت الدولة الوطنية، وجرّتها إلى أزمات خانقة نتج عنها ملايين الضحايا من قتلى ومشرّدين حول العالم. وتدافع أبوظبي عن خطواتها تجاه الحكومة السورية من منطلق الحاجة إلى «قرار شجاع» يعالج المأساة السورية التي شكّلت جرحاً عربياً نازفاً.وعندما زار رأس الدبلوماسية الإماراتية عبدالله بن زايد دمشق، كان يمنح النظام السوري الفرصة لاتخاذ القرار نحو الخطوة التالية، فالسيولة السياسية في الشرق الأوسط كانت تقتضي خطوة من دمشق، وهذا ما فعله الأسد عندما قرر العودة إلى البيت العربي عبر «البوابة الظبيانية».وبغَضّ النظر عن انتظار انعقاد القمة العربية المقبلة في الجزائر ومشاركة دمشق فيها، فإن الأهم الآن هو أنها اتخذت خطوة إيجابية لتصحيح الاختلال في العلاقات العربية العربية، وباتت مستعدة عملياً لطيّ الصفحة الماضية واستيعاب ضرورة البدء في معالجة الوضع السياسي وإجراء عملية سياسية سورية، تعيد للشعب السوري كرامته، ولتساهم المنظومة العربية في إعمار هذا البلد المؤسس لكيان الجامعة العربية، فهو واحد من أعمدة البيت العربي الكبير.وليس من المنطق لعن الظلام، بل فتح نافذة سياسية مشعّة بالفرص الممكن تحويلها إلى واقع معاش، فما دفعه الشعب العربي السوري كان جسيما، وتركه للفوضى وللتدخلات وانتهاكات سيادته الوطنية.في غضون ذلك، جددت الصين مطالبتها بضرورة احترام سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مؤكدة أن الولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان مسؤولية معاناة الشعب السوري.ونقلت وكالة شينخوا عن ممثل البعثة الصينية لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، جيانغ دوان، قوله خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «يجب الاعتراف بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، فضلا عن حق الشعب السوري في طريقة العيش والنمو، وحماية جميع هذه الحقوق». وأضاف جيانغ: «أن حقيقة استمرار الأزمة في سورية حتى الآن يثبت أن التدخل الخارجي ومواصلة الضغط والعقوبات لن يؤدي إلا إلى معاناة عميقة لأي بلد».