هل يصبح العمل من المنزل مفيداً للبيئة؟

نشر في 21-03-2022
آخر تحديث 21-03-2022 | 00:06
 سامية أحمد الدعيج بعد أن عادت القوى العاملة في القطاع الحكومي إلى طاقتها الكاملة، ماذا يمكن أن يقال عن تأثير قيود جائحة كورونا والعمل الافتراضي على البيئة؟ في حين قد يشتكي الكثير من التأخير وعدم الكفاءة في المعاملات الحكومية، فقد لاحظ الجميع تقريباً انخفاض حركة المرور خلال ساعة الذروة وتحسن جودة الهواء، لذا فإن السؤال هو: هل يمكن أن يساعد العمل من المنزل في تنقية الهواء ومكافحة تغير المناخ؟ وماذا لو كان كل ما نحتاجه يبعد 15 دقيقة سيراً على الأقدام أو بواسطة ركوب الدراجة الهوائية؟

هذه بعض الأفكار التي تستكشفها بعض أكبر المدن في العالم في سعيها لتصبح أكثر استدامة وصحة ومكانا أكثر ازدهارا للعيش، ليس هناك من ينكر أن العالم يواجه حالة طوارئ مناخية، وأن مهندسي تخطيط المدن يبتكرون بشكل مستمر طرقا مبتكرة لتقليل انبعاثاتها من الغازات الدفيئة لتحقيق صافي الكربون بحلول عام 2050، والمقصود هنا التوازن بين كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة والتي تتم إزالتها من الغلاف الجوي للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى درجة ونصف، وهو الالتزام العالمي الذي دعت إليه اتفاقية باريس وتم تأكيده في مؤتمر غلاسكو للمناخ (COP26).

أظهرت الدراسات أنه مع فرض احترازات وقيود الجائحة في جميع أنحاء العالم، ساهم الانخفاض في التنقل والسفر الناجم عن هذه الظروف في انخفاض غير مسبوق لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فعلى الرغم من الاضطرابات الناجمة عن الوباء، فقد أحدثت أيضاً تأثيراً إيجابياً، وهو الكشف عن الفرص التي يمكن الاستفادة منها من بلديات المدن والمخططين الحضريين لتسريع إجراءات الطوارئ المناخية. ماذا لو تم تطبيق بعض هذه الأفكار في دول الخليج؟

في دراسة حديثة أجراها طالب الماجستير مساعد الصالح في كلية لندن للاقتصاد ومركز البيئة ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المملكة المتحدة، تم البحث في إمكانية إضفاء الطابع الرسمي والمؤسسي على العمل الافتراضي للقطاع العام في ثلاث مدن: مدينة الكويت والرياض ودبي، حيث يعمل 90٪ من المواطنين في الهيئات الحكومية، وقد وجد أن ما يصل إلى 50٪ من البصمة الكربونية لوسائل النقل لموظفي القطاع العام يمكن تخفيفها إذا عمل 75٪ على الأقل من الموظفين بشكل افتراضي من منازلهم ويمكن أن تزيد إلى 70٪ إذا كان العمال يعيشون في مدينة افتراضية لا تزيد مدة التنقل فيها عن 15 دقيقة.

ركزت الدراسة بشكل خاص على انبعاثات الكربون من النقل واستهلاك الطاقة، حيث تستهلك مباني المكاتب الكثير من الطاقة للتبريد، مما يؤدي إلى انبعاثات كبيرة لثاني أكسيد الكربون، وفي المستقبل يمكن أن تؤدي زيادة درجات الحرارة الناتجة عن تغير المناخ إلى زيادة الطلب على طاقة المباني، لا سيما مع احتمال حدوث موجات حرارية أكثر تواتراً وشدة وطويلة الأمد في منطقة الخليج، مما يؤدي الى زيادة الانبعاثات وهكذا تستمر الدوامة، ومع زيادة القوى العاملة وزيادة أوقات التنقل، سيقضي الكثير منا وقتا أطول في ازدحام المرور للوصول إلى العمل وهذا بدوره أيضا يزيد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدينا، وهو بالفعل أحد أعلى معدلات نصيب الفرد في العالم، الأمر الذي يطرح السؤال: هل نحتاج إلى أن نكون في المكتب أو مكان العمل كل يوم؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن أن يكون المكتب على بعد 15 دقيقة سيراً على الأقدام أو بالدراجة أو بالحافلة، مع مراعاة التخطيط العمراني الذي يركز على المساحات الخضراء والطرق المظللة والمواسم المختلفة؟ موضوع يستحق النظر إليه إذا أردنا التخطيط لمدن أكثر مقاومة للمناخ في المستقبل.

● سامية أحمد الدعيج

back to top