يفتتح لبنان أسبوعاً جديداً حافلاً بالتطورات والتوترات. لم تنجح الحكومة وكل الاتصالات السياسية في إيجاد مخرج للأزمة القضائية المصرفية. البنوك في حالة إضراب تحذيري قابل للتمديد وللتصعيد أيضاً رداً على ما تعتبره استهدافاً لها.

تنقسم الحكومة على نفسها، فريق يريد الذهاب إلى النهاية في مواجهة المصارف وحاكم مصرف لبنان، وهو رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحرّ، وفريق آخر يرفض هذه المواجهة، لأنه يعتبرها ذات حسابات شخصية وستؤدي إلى المزيد من الانهيارات والانفجارات الاجتماعية.

Ad

وبحال استمرت هذه المواجهة فسيكون هناك تهديد جدّي وحقيقي لاستحقاق الانتخابات النيابية.

ولا يقتصر الانقسام على الحكومة فقط أو على القوى السياسية والطائفية، إنما ينتقل إلى داخل كل طائفة، خصوصاً أن البطريركية المارونية تبدو على موجة مختلفة عن الموجة التي يحاول رئيس الجمهورية ميشال عون إنتاجها، سواء في مواجهة المصارف أو في التعاطي مع حزب الله. فرئيس الجمهورية يتوجه غداً إلى الفاتيكان، في زيارة رمزية وذات أبعاد ودلالات كبرى خصوصاً أنها الزيارة الأخيرة التي سيجريها بعهده.

يرفع عون جملة عناوين لهذه الزيارة أولها التنسيق مع الكرسي الرسولي لحماية مسيحيي الشرق ومسيحيي لبنان بالتحديد، وهو يريد بذلك الحصول على غطاء ودعم معنويين من الفاتيكان. يذهب عون إلى الفاتيكان معلناً أنه حامل هموم الشعب اللبناني وبحاجة إلى مساعدة الحبر الأعظم في توفير المساعدات للبنان بالمعنى السياسي للحفاظ على المسيحيين ووجودهم ودورهم، ولا يخفى على أحد أن عون ينطلق في مثل هذه الطروحات التي يقدمها من منطلقات أقلوية خصوصاً أن هناك علاقة تربطه بعدد من الكرادلة في الفاتيكان ممن يؤيدون نظرية تحالف الأقليات، أو التكامل بين الأقليات من خلال التحالف السياسي للحفاظ على الوجود والدور، لذلك ذهب عون مدافعاً عن حزب الله في سياق مدافعته عن التنوع اللبناني، واعتبار الحزب بشكل أو آخر أنه أحد حماة المسيحيين في الشرق وفي لبنان أيضاً، وأن العلاقة التحالفية معه هي التي أدت إلى توفير مقومات القوة والوجود المؤثر للمسيحيين في السلطة السياسية من خلال الدور الذي لعبه عون رئيساً للجمهورية.

وأيضاً للزيارة أهداف أخرى لاسيما أنها تأتي على مسافة أشهر قليلة على انتهاء ولاية عون الرئاسية، فيما يمرّ لبنان بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية ومالية في تاريخه، سيسعى عون من الفاتيكان إلى البحث في إمكانية المساعدة لإنضاج تسوية دولية إقليمية تطال الملف اللبناني ولا تؤدي إلى الذهاب نحو الفراغ، وهو يراهن على أن الرئيس الأميركي جو بايدن هو أول رئيس أميركي كاثوليكي، فيعتبر أنه لا بد من أن يكون للفاتيكان تأثير عليه في مساعدة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل كوريث وحيد لعون في زعامة أكبر تيار مسيحي، والهدف الأساسي هو رفع اسم باسيل عن لائحة العقوبات وإعادة تعويمه سياسياً ليكون شريكاً أساسياً وعنصراً فاعلاً في أي تسوية سيشهدها لبنان مستقبلاً.

مواقف عون تتناقض مع جوهر مواقف الكنيسة المارونية، التي يمثلها البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي رفض ممارسات سياسية تسعى إلى تطويق القضاء من جهة أو التأثير على العمل القضائي بهدف ضرب كل المواقع المسيحية الأولى في الدولة، وثانياً يختلف البطريرك الراعي مع عون في ملف حزب الله والمقاربة المتعلقة به، إذ قال أمس، خلال زيارته الى مصر التي بدأها أمس الأول:» تحدّثنا عن موضوع سلاح حزب الله الذي خرج من يد اللبنانيين، ولو كانت هناك استراتيجية دفاعية لحُلَّ جزء من المشكلة».

ولفت الراعي، إلى «أننا تطرّقنا إلى قضايا لبنان الداخلية، وعبّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن أسفه للحالة التي وصل إليها لبنان، وقلت له، إن لبنان مريضٌ، ونحن بحاجة إلى علاج مرضه، وهو عدم تطبيق اتفاق الطائف والحلّ هو إعلان الحياد»، مؤكداً «أننا نأسف لأنّ لبنان أصبح منعزلاً عن العالم، والرئيس المصري مستعدّ لدعم القضيّة اللبنانية وقد أكّد هذا الأمر، وقلت له، إنّ الحلول ليست في يد اللبنانيين وحدهم لتطبيقها إنّما هناك دور للعرب والمجتمع الدولي».