بعد خسارتها الفادحة في الانتخابات النيابية، التي جرت في أكتوبر الماضي، تلوّح الفصائل العراقية الموالية لإيران بورقة إعادة الانتخابات، في دعوات تجد صدى حتى في الأوساط المقربة من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إذ يشعر هؤلاء بتهديد كبير نتيجة التقارب بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والقوى السنية والزعيم الكردي مسعود بارزاني، الذين يمتلكون نحو 180 مقعداً في البرلمان.

وفي الوقت نفسه واصل المستقلون ومعظمهم مقربون من «حراك تشرين» الشعبي، تمرير إشارات بأنهم سيمنعون حلفاء طهران من استخدام ورقة الثلث المعطل، وقال متحدث باسم حركة «امتداد»، وهي حزب ناشئ يتكون من قياديي الاحتجاجات، إن المستقلين الذين يرفضون تعطيل البرلمان نحو 34 نائباً، ورغم أنهم لم يتفقوا على التصويت لمصلحة تحالف الصدر وبارزاني، فإنهم سيدعمون انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 26 مارس الجاري.

Ad

ويعتبر هذا الموقف تطوراً مهماً، إذ اصبح المستقلون «بيضة قبان» بين تحالف الأغلبية، والقوى الحليفة لإيران التي تحاول تعطيل مجلس النواب، لكن الأوساط السياسية تخشى أن يؤدي نجاح الصدر وحلفائه في تمرير مرشحيهم رغماً عن حلفاء طهران، إلى تعزيز الأجواء المتوترة التي بلغت ذروتها حين قصفت إيران بالصواريخ الباليستية، أهدافاً في أربيل بذريعة الوجود الإسرائيلي.

أما إذا فشل تحالف الأغلبية في تأمين ثلثي أعضاء البرلمان لانعقاد جلسة الأسبوع المقبل، فستدخل السجالات السياسية في نفق إعادة الانتخابات حسب قيادات في الإطار التنسيقي، وما يتطلبه ذلك من تدخل قضائي يعزز دور المحكمة العليا التي انحازت غير مرة، إلى خصوم الصدر، الذين يفترضون أن تنظيم انتخابات جديدة في الخريف المقبل سيمنحهم فرصة لتعويض خسارتهم الفادحة في برلمان 2022.

لكن الخبراء يرجحون العكس، فنظام الدوائر المتعددة الجديد أثبت أنه يعمل لمصلحة أنصار حركة الاحتجاج، الذين يمكنهم تنظيم أنفسهم بشكل أفضل في المناطق الصغيرة، وتحقيق ما يمكن أن يمثل مفاجأة كبيرة تكرس خسارة الكيانات العراقية الحليفة لطهران.

رغم ذلك، فإن الأوساط السياسية تقول إن الأمر لن يمر بهذه السهولة، فإعادة الانتخابات ستعني مشاركة ساخنة من كل الأطراف، وتتم وسط أجواء التصعيد الأمني الذي تمارسه الفصائل وتورطت فيه طهران بشكل معلن في حادثة الصواريخ الباليستية، وما قد يعقب ذلك من حملات تهديد وتصفيات تمارسها الفصائل ضد الناشطين، لمنعهم من إدارة حملات انتخابية منافسة.

من جهة أخرى، فإن المجتمع الدولي سيبقى على الأرجح منشغلاً بالحرب الروسية - الأوكرانية، ولن يتاح لأعضاء مجلس الأمن هذه المرة توفير حماية للاقتراع العراقي، كما حصل الخريف الماضي حين أرسل مجلس الأمن والاتحاد الاوروبي نحو ثلاثة آلاف مراقب دولي، نجحوا في حماية الانتخابات من التلاعب إلى حد كبير.

محمد البصري