غداة اعتداء واسع شنته الميليشيات اليمنية المتمردة على منشآت حيوية ومناطق مدنية بالمملكة، باستخدام طائرات مسيّرة وصاروخ «كروز» إيراني الصنع، صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية بأن السعودية تعلن أنها «لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرّض لها منشآتها النفطية من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من طهران».

وقال المصدر، في تصريحات اليوم، إن المملكة تولي أهمية أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار إيران في تزويد الميليشيات الحوثية بتقنيات الصواريخ الباليستية والطائرات المتطورة من دون طيار، التي تستهدف بها مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما في المملكة، لما يترتب على ذلك من آثارٍ وخيمة على قطاعات الإنتاج والمعالجة والتكرير. وأضاف: «سوف يُفضي ذلك إلى التأثير على قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، الأمر الذي يهدد بلا شك أمن واستقرار إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية» التي تشهد زيادة حادة في الأسعار جراء العقوبات الغربية التي تستهدف المحروقات الروسية منذ بدء «غزو أوكرانيا».

Ad

وبيّن المصدر أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة ووقوفه بحزم ضد الميليشيات الحوثية وردعها عن هجماتها التخريبية التي تشكّل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات البترولية في هذه الظروف البالغة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية.

في موازاة ذلك، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أمين الناصر، عن اعتقاده بأن الهجمات الحوثية على مرافق النفط في وقت تعاني فيه الأسواق العالمية شح المعروض تمثّل مصدر قلق حقيقيا للعالم.

وكانت وزارة الطاقة السعودية أعلنت أمس، أن إنتاج مصفاة ساينوبك للتكرير انخفض مؤقتاً بعد هجمات جماعة «أنصار الله» الحوثية، وسيتم التعويض.

وأضاف الناصر: «الرسالة الواردة سلطت الضوء على أن هذه الأنواع من الهجمات، وهذا النوع من التصعيد في وقت تشهد فيه السوق شحّا في المعروض، هو مصدر قلق حقيقي للعالم لأنه في حالة حدوث المزيد من التصعيد بمرور الوقت، ربما يكون له بعض التأثير على الإمداد».

باتريوت وخلافات

وبالتزامن مع إخلاء السعودية، أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم، مسؤوليتها عن عرقلة إمداداتها التي تعول عليها الولايات المتحدة للسيطرة على الارتفاع الحاد في أسعار المحروقات بسبب العقوبات التي تستهدف موسكو التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الرياض، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أرسلت خلال فبراير الماضي، صواريخ باتريوت للمملكة، تلبية لـ «طلب عاجل» من الرياض، وذلك «في محاولة من واشنطن لتحسين علاقتها مع الرياض» التي تتباين رؤيتها بعدة ملفات مع البيت الأبيض.

وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم: «الهدف من شحنات الأسلحة الجديدة هو التأكد من أن السعودية تملك ما يكفي من المعدات العسكرية الدفاعية كي تتصدى للهجمات التي يشنها الحوثيون من اليمن».

ونقل التقرير عن مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوله إن «الجيش السعودي طلب الحصول على المزيد من صواريخ باتريوت الاعتراضية، المستخدمة في إسقاط الأسلحة الهجومية عبر الجو، منذ العام الماضي».

وأشارت الصحيفة إلى أن «الطلب الذي تقدمت به السعودية كان نقطة خلاف كبيرة مع واشنطن، مما أثار استياء المسؤولين السعوديين، بشأن ما أكدوا أنه نقص الدعم الأميركي تجاه الحرب التي يخوضها السعوديون في اليمن».

وقال مسؤولون أميركيون إن «قرار إرسال صواريخ باتريوت الاعتراضية استغرق شهوراً، نظراً لارتفاع الطلب على هذه الأسلحة من حلفاء آخرين للولايات المتحدة، وإجراءات الفحص التقليدية الخاصة بمثل هذه الصفقات، وليس لأن البيت الأبيض كان يتعمد تأجيل الطلب السعودي».

ونقلت «وول ستريت» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «الصواريخ الاعتراضية والذخائر الأخرى التي طلبها السعوديون تم إرسالها من مخزونات أميركية في مناطق أخرى بالشرق الأوسط».

وأوضحت الصحيفة نقلا عن المسؤولين أن «الولايات المتحدة تأمل في أن تضخّ السعودية المزيد من النفط للتخفيف من ارتفاع أسعار الخام» التي باتت تهدد بركود عالمي.

لكن التقرير لفت إلى أن «توفير صواريخ باتريوت الاعتراضية لم يحلّ جميع التوترات في العلاقة بين واشنطن والرياض» المنزعجة من احتمال إحياء واشنطن للاتفاق النووي الإيراني دون معالجة أنشطة طهران الإقليمية وتسلحها الباليستي.

خلافات حتى الانتخابات

في غضون ذلك، تحدثت أوساط سياسية عن معلومات عن مصادر سعودية رفيعة المستوى توضح وجود «امتعاض خليجي من إدارة بايدن»، وأشارت إلى أنّ «الحل هو انتظار انتهاء ولاية بايدن وليس أقل أو أكثر من ذلك».

وأجاب معلّق الشؤون العربية في قناة «كان» الإسرائيلية، روعي كايس، عند السؤال عن «معلومات خطيرة صرحت بها مصادر في السعودية ضد رئيس الولايات المتحدة»، أنّ هناك «أزمة متواصلة بين إدارة بايدن وبين الرياض، وهذه الأزمة تعاظمت على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا».

وأضاف المعلّق الإسرائيلي أن «الجانب الأميركي يتوقع أن يقوم السعوديين، بالرغم من الخلاف بين الجانبين، بالاستجابة إلى طلب زيادة إنتاج النفط من أجل كبح ارتفاع الأسعار في سوق الطاقة، لكنّ السعوديين لا يرغبون في ذلك».

وأردف شارحا أنه «بخصوص الطلب الأميركي من السعودية بزيادة إنتاج النفط، قالت لنا هذه المصادر في الرياض كيف يمكن لإدارة بايدن أن تخرج ضدنا في اليمن، وتستعد لإزالة الحرس الثوري الإيراني عن لائحة الإرهاب، والتوقف عن بيعنا السلاح؟ وبالتالي أن يتوقعوا منا الامتثال لكل طلب، الأمور لا تسير على هذا النحو». وبحسب التقرير أكدت المصادر السعودية أن «خيبة الأمل ليست فقط في الرياض، بل في دول أخرى في الخليج من تصرفات إدارة بايدن».

الحوثيون يهددون عواصم «التحالف»

هدد المتحدث العسكري باسم المتمردين الحوثيين في اليمن، يحيى سريع، بشن المزيد من الهجمات والعمليات، «ضمن بنك أهداف جديد» يشمل عواصم دول التحالف العربي وأبرز منشآته الحيوية. في الوقت نفسه أبدى الحوثيون انفتاحهم على دعوة مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانز غروندبرغ الى إعلان هدنة خلال شهر رمضان المبارك، الذي يبدأ مطلع أبريل المقبل.