حاورتُ من كان يتاجر بالرقيق!
دعاني صديق صحافي ممن يجاورونني السكن في لندن إلى زيارة والده، الذي تجاوز السابعة والتسعين، في منزله، ويرغب في التعرف على عربي، لأنه أمضى سنوات من شبابه في بلاد العرب. سألته: هل والدك في هذه السن قادر... قاطعني: إنه في كامل قواه الذهنية. وبالفعل حينما التقيت الرجل رحَّب بي بكلمات عربية:سلام عليكم. أجبت: وعليكم السلام... كيف هالك؟ حمدت الله، ثم دار بيننا حوار عرفت من خلاله أنه كان في سنوات شبابه يتاجر بالعبيد. وهنا استأذنت نجله إذا أمكن أن أطرح عليه بعض الأسلئة التي من الممكن نشرها في الجريدة؟ فلم يمانع، بل إن الرجل الكبير أبدى سعادته:
• ألا تشعر بتأنيب الضمير من ذلك العمل؟- تجارة العبيد ليس فيها ما يشين، لأنها كانت سائدة، وأنا في كامل الارتياح. • هل تذكر عدد الذين بعتهم؟ ومتى كان ذلك؟- في أواخر العشرينيات، ثم الثلاثينيات، والأربعينيات، وكانوا بحدود الثمانية آلاف. • أين؟- في البلاد العربية، وبالمستعمرات البريطانية، ورغم مشاكل تركيا، فإنها كانت سوقاً مفتوحاً، وكذلك المستعمرات الفرنسية. • كلهم كانوا من الرجال؟- كلا، كانت هناك فتيات إفريقيات. • وكيف كان يتم الحصول عليهم؟- هناك مَنْ تخصصوا في عمليات اختطاف الصبيان، أي يتم اصطيادهم كما يتم اصطياد الحيوانات، والبعض منهم كنا نشتريهم من زعماء القبائل. • وكيف تنقلونهم من إفريقيا؟- هناك سُفن خاصة، نشحنهم فيها إلى الجهات التي نريدها. • في حالة تعرضهم لمرض، كيف تعالجونهم؟- إذا كنا في البر نقتلهم، وإذا كنا في البحر نُلقيهم في الماء. • هكذا ببساطة؟ - ذلك أرخص من الأطباء وجلب الأدوية.• ما أولى المحطات التي يتم فيها البيع؟- مناطق الشرق الأوسط، ومنها يتم التوزيع لبقية دول العالم. • ماذا عن الأسعار؟- تختلف باختلاف البلدان.• وأنت، كيف كنت تحدد أسعارك؟ - بثلاثة أضعاف السعر الأصلي. • هل اشتريت شيئاً لنفسك؟- اشتريت شابة من الحبشة مكثت عندي عدة سنوات، وحينما قررت العودة والاستقرار في بريطانيا، أعطيتها الحرية، لكنها رفضت، وتوسلت وبكت لكي أبقيها معي، لكنني لم أكن قادراً، لتعقيدات قانونية، ولما فارقت مرجانة آلمني بكاؤها، فأهديتها ليهودي عراقي كان يُحسن معاملتها، وعلمت أنها توفيت في بغداد.• كيف انخرطت في عمل كهذا؟- تعرفت على أفرام باشا، وكان من كبار تجار العبيد للقصور، وهو الذي دربني. • متى انتهت تجارة الرقيق؟- لم تنتهِ إلى الآن. • كيف؟- هل تستطيع أن تثبت لي الآن أنك لست عبداً مملوكاً، وبالمجان؟***• أدركت أن الحوار سينحو منحى آخر غير الذي كنت سأنهيه به، فتوقفت!