الدستور ما له ذنب
في الدول التي تقوم على ديموقراطية حقيقية تجد العلاقة بين المجالس البرلمانية والحكومات تحكمها المصالح الوطنية، وتغيب عنها المصالح الشخصية وكل أشكال التربح، فلا واسطة ولا محسوبية ولا فلان من طرفنا، بل إن هذه الممارسات تعد من الجرائم التي يعاقب عليها وتتسبب في إنهاء حياتهم السياسية.
بالرغم من إيماني بأهمية ما يمثله مجلس الأمة كممثل للشعب ولكونه جوهر الديموقراطية، فإنني لم أقتنع يوما بأن المجالس المتعاقبة قد عبرت يوما عن إرادة الأمة أو سعت إلى تكريس المفاهيم الديموقراطية والالتزام بنصوص الدستور. انحراف مجلس الأمة عن أداء مهامه الدستورية لم يكن ليكون لولا السياسات الحكومية التي جعلت منه أداة صورية رغم ما نشاهده من شد وجذب ومواقف صلبة قد تصل إلى حل مجلس الأمة، لكنها في الحقيقة لا تعني بأي حال من الأحوال تطوراً في السلوك الديموقراطي.ما نراه هذه الأيام من تقلبات في مواقف النواب ومنذ بداية تشكيل مكتب المجلس إلى هذه الوقت ما هو إلا دليل وشاهد على أن الديموقراطية عندنا ديموقراطية أهواء ومصالح لا مواقف ثابتة تحكمها القيم، ولا انسجام بين مواقف الكتل فيما بينها.
في الدول التي تقوم على ديموقراطية حقيقية تجد العلاقة بين المجالس البرلمانية والحكومات تحكمها المصالح الوطنية، وتغيب عنها المصالح الشخصية وكل أشكال التربح، فلا واسطة ولا محسوبية ولا فلان من طرفنا، بل إن هذه الممارسات تعد من الجرائم التي يعاقب عليها وتتسبب في إنهاء حياتهم السياسية.قضاء حاجات الناس من الفضائل الإنسانية التي حث عليها ديننا الحنيف ونبينا الكريم محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم، لكن بشرط ألا تسلب حق ضعيف أو تتجاوز مستحق. اليوم في الدول المتطورة ديموقراطيا تجد القيم الأخلاقية هي المحك والواسطة، ومفهومها محصور في التزكية المشروعة في شقها العلمي أو الأخلاقي فالتزكية لطالب الدراسات العليا من أساتذته تشير إلى تفوقه وقدرته على إنهاء متطلبات الدراسة، لكن التزكية عندنا غير وعنوانها هذا ولدنا "خوش ولد" بغض النظر عن المنافسين. هذا ولدنا وغيرها من الممارسات النيابية لو كان لدينا ديموقراطية حقيقية لكانت جريمة يعاقب عليها القانون، لكننا وبسبب الحكومات المتعاقبة أصبحت ميزة مضافة للنائب حتى وصلت الحال بوصف بعضهم بسوبرمان المعاملات. هذه الحال تنسحب على معظم النخب السياسية والفكرية والبرلمانية الذين ينادون ويرفعون شعار الإصلاح في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي في حين تجدهم في الواقع أول من يصعد على أكتاف تلك الشعارات الرنانة.لا أقول إن الدستور في خطر، فهو كتب ليحفظ حقوق البشر، لكن الخطر الحقيقي في الممارسة الديموقراطية التي لم تستطع مواكبة القيم الأخلاقية وتصون الدستور من العبث، فما بين فترة وأخرى تطلع علينا أصوات تطالب بتعديل الدستور دون أن تكلف خاطرها بالنظر إلى من تسبب في تراجع الديموقراطية.أقولها بصراحة وبكل وضوح ليس هناك إصلاح للديموقراطية ما دام هناك ناخب تنطلي عليه الشعارات الزائفة، وما دام هناك ناخب يقف على باب نائب وما دام هناك غياب لتكافؤ الفرص وانعدام المحاسبة المالية ومفهوم من أين لك هذا؟ودمتم سالمين.