رحيل إنسان كبير

نشر في 22-03-2022
آخر تحديث 22-03-2022 | 00:18
 حسن العيسى جلست "منيرة" الصغيرة على الأرض وانهمكت في ربط حذاء أبيها، نظر إليها عبدالله مبتسماً مداعباً: "من لي غيرك يا منيرة يساعدني؟"، كان هذا في نهاية عام 1997على ما أتذكر، في أحد الفنادق بمدينة بوسطن، حيث كان عبدالله النيباري يتلقى العلاج بعد محاولة اغتياله هو وزوجته السيدة فريال الفريح وأصيب بعجز بعصب يده اليسرى التي أضحت شبه مشلولة. روح عبدالله باحتمال ألم العجز بيده كبيرة مثلما هي قدرته على التسامح والصفح لمن أراد إنهاء حياته، لا لشيء إلا لعناد وإصرار عبدالله على محاربة الفساد طوال سنوات حياته.

رحل الكبير عبدالله النيباري عنا أمس بعد أسابيع بسيطة من رحيل رفيق دربه د. أحمد الخطيب، عانى عبدالله الكثير في السنوات الأخيرة من عمره، ويبقى عبدالله صوتاً مجلجلاً في قضايا الدفاع عن المال العام طوال السنوات التي قضاها عضوا في مجلس الأمة، وكان أهمها، والتي لا يجوز أن ينساها له أهل الوطن، كفاحه في قضية المشاركة النفطية بداية السبعينيات من القرن الماضي، والتي عادت بالفائدة على الوطن، أيضاً كان دوره الكبير في تأسيس والمشاركة في المنبر الديموقراطي وقبله جمعية الخريجين، دون أن ننسى بصماته الكبيرة في حركة القوميين العرب ومحطات أخرى كثيرة قضاها الراحل في درب النضال.

سامي المنيس، أحمد الخطيب، عبدالله النيباري، لن تجدوا أسماءهم على شوارع ضخمة، ولن تجدوا يافطات تخلد ذكراهم على مراكز ثقافية، لن تجدوا غير أسماء لا تعرفون من هم؟ وماذا قدموا لوطنهم؟ ولا يبقى غير أن نتمنى أن تظل ذكريات أمثال تلك الرموز الشامخة محفورة في قلوبنا، وفي قلوب أجيالنا من بعدنا، فقد غادرونا وتركوا لنا إرثاً لا ينسى.

حسن العيسى

back to top