بعد كل الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات التي تكبدتها موسكو دون أن تحقق أيا من أهدافها الأولية، توقع مسؤولون غربيون وخبراء عسكريون أن يشهد الأسبوعان المقبلان حسما في تحديد نتيجة الحرب الأوكرانية كلها، نظرا لأن الغزو الروسي يتجه نحو «طريق مسدود».

ووفقا لتقديرات نقلتها صحيفة «وول ستريت جورنال» عن الاستخبارات الغربية، فإن عمليات القتل أو الإصابة بين الجنود الروس تطال ألف عنصر يوميا، في وقت لا تحقق القوات الروسية تحركات كبيرة على الخطوط الأمامية.

Ad

ويقول مسؤولون وخبراء إنه «في ظل عدم إحراز تقدم جوهري على الأرض، وبالنظر إلى حجم الخسائر التي تلحق بصفوفها، فإن حملة روسيا العسكرية قد تصبح غير قابلة للاستمرار قريبا، مع عدم قدرة هذه القوات على التقدم لافتقارها إلى القوة البشرية والإمدادات والذخيرة الكافية».

من ناحيتها، ذكرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية للمرة الأولى أن الكرملين يعد نفسه لـ «حرب طويلة»، وينفذ تدابير تعبئة متزايدة القسوة، بما في ذلك نشر أفراد منظمات عسكرية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاما، مؤكدة أن معظم الوحدات في فيلق الجيش الأول تتكون من السكان المعبئين، بدلا من الجنود المدربين، وتواجه نقصا في الروح المعنوية والمعدات.

وفي تقرير منفصل، نقلت «وول ستريت جورنال» عن كبار المسؤولين الأميركيين اعتقادهم أن «ثمة دلائل على أن الكرملين يُعدّل تكتيكاته، ويتحول إلى استراتيجية جديدة بعد أكثر من 3 أسابيع من القتال الشرس والفشل في الاستيلاء على كييف، واستبدال حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بنظام موال».

في هذا السياق، قال مسؤول أميركي إنه «في حال رفض كييف مطالب بوتين، من المتوقع أن تحاول روسيا المحافظة على كل الأراضي التي استولت عليها»، مضيفا أن «بوتين سيعود إلى تكتيكات الحصار». ويأتي تقييم «الخطة ب» لبوتين، كما أسماها أحد المسؤولين، مع عدد من المحاذير المهمة، حيث إن بوتين قد يوسع أهدافه الحربية.

6 أسلحة محظورة بحوزة روسيا
يشير الصحافي سيمون بتيت في تقرير بصحيفة «لوتان» (Le Temps) السويسرية إلى أن روسيا بحوزتها 6 أنواع من الأسلحة المحظورة الخطيرة قد تستخدمها في أوكرانيا:

أولاً- الذخائر العنقودية أو الأسلحة البعيدة عن الدقة: بعضها يحتوي على رأس حربي يتشظى أثناء الطيران، وتتطاير منه عشرات القنابل الصغيرة، التي يمكن أن تقتل في منطقة بحجم ملعب كرة قدم.

ثانياً- الفوسفور الأبيض: يشتعل عند ملامسته للهواء منتجا ضوءاً ودخاناً كثيفًا، فتنتج عن ذلك حروق كبيرة، وقد استخدمته روسيا في حرب الشيشان.

ثالثاً - الأسلحة الحرارية: تحتوي على وقود يشتعل عند ملامسته للهواء، وتنتج عنه كرة من اللهيب تمتص حرفيا الأكسجين من كل ما هو حي في المكان.

رابعاً - الأسلحة الكيماوية: أعلنت موسكو أنها انتهت من تدمير مخزوناتها من هذا السلاح في 2017، لكن واشنطن حذرت في الأيام الماضية من قيام موسكو باستخدامه.

خامساً- الأسلحة البيولوجية: أبرمت روسيا والولايات المتحدة اتفاقية للأسلحة البيولوجية في عام 1972، لكنها لا تحظر البحث في هذا المجال لأغراض دفاعية.

سادساً - القنابل النووية التكتيكية: يعتبر خبراء أنه لا فرق بين الأسلحة النووية التكتيكية والأسلحة الإستراتيجية، وكلاهما مدمر تماماً كتلك التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي في اليابان.

مدينة الأشباح

إلى ذلك، رفضت كييف إنذارا أخيرا وجهته لها روسيا من أجل استسلام مدينة ماريوبول الاستراتيجية على بحر آزوف جنوب شرق البلاد والمحاصرة منذ أسابيع.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشتشوك إن «الحديث عن الاستسلام أو إلقاء الجيش السلاح غير وارد»، واصفة المطلب الروسي بأنه «تلاعب متعمد واحتجاز رهائن حقيقي»، معتبرة أن «المحتلين يواصلون التصرف مثل إرهابيين».

وكانت روسيا طالبت السلطات الأوكرانية بالموافقة «برد مكتوب» قبل فجر أمس على تسليم ماريوبول مقابل فتح ممرات إنسانية في المدينة وحماية بنيتها التحتية.

وفيما تواصلت المعارك في وسط المدينة توقع دينيس بوشيلين، قائد الانفصاليين الموالين لروسيا في دونيتسك بالدونباس، ان تستغرق المعارك أسبوعا إضافيا قبل أن تسقط المدينة التي تحولت إلى «مدينة أشباح» بعدما تم تدمير أكثر من 80 في المئة من بنيتها التحتية.

ووصف وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أمس، العمليات الروسية في ماريوبول بأنها «جريمة حرب كبرى»، فيما شبه القنصل اليوناني العام في ماريوبول مانوليس أندرولاكيس، الذي نظم عمليات إجلاء عدة لمواطنيه، المدينة بغيرنيكا وستالينغراد وغروزني وحلب، وهي مدن دمرت بالكامل خلال الحروب.

وفي كييف، حيث أشار تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية، أمس، إلى أن «القوات الروسية المتقدمة باتجاه العاصمة من جهة الشمال الغربي قد توقفت»، أدى القصف الروسي على مركز تجاري إلى مقتل 8 على الأقل ليل الأحد - الاثنين.

وفي شمال البلاد، أفاد جهاز الدفاع المدني بأنه لا يوجد خطر على المواطنين بعد حدوث تسرب للأمونيا من خزان بمصنع كيماويات يقع في مدينة سومي، بعد تعرضه لأضرار جراء القصف، وتم إغلاق المنطقة المتضررة.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، صرح في وقت سابق بأن «قوميين فخخوا منشآت تخزين الأمونيا والكلور، بهدف تسميم سكان سومي بشكل جماعي في حال دخول وحدات من القوات الروسية المدينة».

وفي وقت اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لمناقشة المزيد من العقوبات على موسكو، بما فيها حظر على واردات النفط، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، إن فرض حظر على واردات النفط الروسية سيضر أوروبا، بينما «لن يتأثر الأميركيون ولن يخسروا شيئا».

وحذر بيسكوف من أن بلاده «سترد سلبيا على أي محاولات تقوم بها أي دولة للتدخل في العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا»، جاء ذلك، تعليقا على تصريحات المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، التي أكدت أنه «لن يتم نشر قوات أميركية في أوكرانيا، ولكن دولا أخرى أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) قد تقرر أنها ترغب في نشر قوات داخل أوكرانيا، وأن أميركا ستدعم دول الحلف».

وجاءت تصريحات غرينفيلد عشية اجتماع افتراضي عقده الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، تحضيرا لقمة الناتو الطارئة بشأن أوكرانيا التي ستعقد في بروكسل نهاية الأسبوع في بروكسل.

وذكر البيت الأبيض أن بايدن سيزور وارسو، التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين الأوكران، ولن يتوجه إلى أوكرانيا، ويتعرض بايدن لضغوط متزايدة في الداخل من الحزبين، فقد دعا زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل امس الاول الرئيس إلى «اتخاذ خطوات أجرأ»، مشددا على أنه «يجب أن نساعد الأوكرانيين على فرض منطقة حظر الطيران فوق بلادهم».

من ناحيته، ذكر عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الديموقراطي كريس ميرفي: «يجب أن نمنع عودة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى النظام العالمي».