لم تكد مدامع الكويت تجف على رحيل رمزها الوطني د. أحمد الخطيب، وقبل أن تنتهي فعالية تأبينه التي أعدها المنبر الديمقراطي، فُجِعت البلاد برحيل قامة أخرى من قاماتها الباسقة، زميله في رحلة الكفاح السياسي النزيه، رجل الاقتصاد والسياسة والتسامح والنضال والأخلاق والغيرة على مصلحة البلاد، الرمز الكبير عبدالله النيباري، الذي شيعته البلاد أمس في مشهد مهيب إلى مستقر رحمة الله تعالى، ليغدو البكاء بكاءين، والتأبين مضاعفاً، حزناً على رحيل قامة وطنية أقر بفضلها الخصوم قبل الأصدقاء.

مسيرة حافلة خاضها النيباري على امتداد ستة عقود من المتاعب محاولاً اقتلاع جذور الفساد للدفاع عن المال العام، حتى كاد يفقد حياته سنة 1997 في سبيل تحقيق هذا الهدف، حيث أصيب برصاصتين في فكه وكتفه اليسرى، ومع ذلك عاد، بعد سنوات، ليلقن من كان يريد قتله درساً في التسامح بعدما عفا عنه، وقبِل الصلح معه وإطلاق سراحه.

Ad

ومنذ نجاحه في الانتخابات البرلمانية عام 1971، وهو يتصدى للعمل السياسي العام وللقضايا الوطنية، حتى تكللت جهوده وعدد من زملائه الوطنيين بالتوصل إلى القرار التاريخي بتأميم النفط الكويتي وإنهاء سيطرة الشركات الأجنبية على حقل برقان، والتي استمرت منذ عام 1934.

كان الراحل أحد مؤسسي المنبر الديموقراطي، الذي وُلدت فكرة تأسيسه خلال فترة الغزو العراقي عام 1990، بهدف توحيد قوى التيار الوطني الديموقراطي في تنظيم سياسي موحد.

و«الجريدة» التي آلمها هذا المصاب، تتقدم إلى أسرة الفقيد بأحر التعازي، سائلة الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».