أكدت لجنة الجواب على الخطاب الأميري، أن مجلس الأمة يأمل استكمال أشواط الحوار الوطني، حتى يستفيد من العفو الكريم مَن يستحقونه، ويتوج بعودة باقي الشباب المهجرين والمغردين، فضلاً عن إرساء الضمانات القانونية لحرية الرأي والتعبير، والتوجه نحو الملفات الإصلاحية المهمة، التي ينتظر المواطنون معالجتها.

وقالت اللجنة، في مسودة تقريرها للرد على خطاب افتتاح دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الـ 16، التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها ومن الوارد أن تشهد تعديلات طفيفة، إن المجلس على استعداد للتعاون مع الحكومة لحل الأزمات، وتجنيب البلاد أي احتقان سياسي، بالاستجابة لتطلعات الشعب وما ينتظره من إنجازات، مشددة على أن المجلس مقتنع تماماً بأن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في ظل الآثار المترتبة على جائحة كورونا يتطلب، إلى جانب تعاون السلطتين، اعتماد رؤية شمولية.

Ad

وأضافت أن «المجلس إذ يعبر عن تمسكه بضرورة التخلص من أسباب تعطيل الجلسات، وما ترتب على ذلك من إعاقة أداء دوره بالشكل الدستوري المطلوب، فإنه يدعو الحكومة إلى الالتزام بتعويض الجلسات الفائتة وإبداء حسن النوايا من أجل إقرار القوانين الجاهزة واستعجال الأخرى، التي لا تزال تحت نظر اللجان البرلمانية وفق جدول زمني محدد».

وأشارت إلى ما ذكره النواب خلال مداخلتهم عند مناقشة الخطاب الأميري، ومنه ضرورة معالجة الأزمة السياسية المستمرة بمراجعة القانون الانتخابي وإقرار ديموقراطية متكاملة تستمد فيها السلطة التشريعية قوتها من وجود تجمعات برلمانية متجانسة لا من أفراد متأثرين بتقسيم طائفي أو قبلي أو فئوي.

وفي ختام المسودة، ذكرت اللجنة أن أعضاء المجلس يجددون لسمو أمير البلاد «العهد بأنهم لن يدخروا جهداً في استعمال كل صلاحياتهم الدستورية براً بقسمهم، في سبيل تحقيق الخير والرفعة للوطن، رائدهم في ذلك روح الأمل والتفاؤل وقوة العزيمة والحزم التي تطبع سياستكم الرشيدة ورؤيتكم النيرة، لتكون الكويت دائماً أرضاً للخير والرخاء والأمن والاستقرار».

وجاء في الخطاب الأميري المقترح من اللجنة، أن «مجلس الأمة يعبر عن عميق الامتنان وفائق التقدير على تفضل سموكم بالعفو الذي أكرمتم به أبناءكم المحكوم عليهم في قضايا سعى الجميع إلى طي صفحتها، وفتح مرحلة جديدة شعارها التوافق والتسامح لتحقيق المصالحة الوطنية، التي تنال منكم ومن ولي عهدكم الأمين الدعم والرعاية والمباركة في سبيل تحقيق الاستقرار السياسي».

وأضافت أن المجلس كله أمل في استكمال أشواط الحوار الوطني حتى يستفيد من العفو الكريم من يستحقونه، وأن يتوج بعودة باقي الشباب المهجرين والمغردين، وإرساء الضمانات القانونية لحرية الرأي والتعبير والتوجه نحو الملفات الإصلاحية المهمة التي ينتظر المواطنون معالجتها، والتي ينبغي أن ينكب عليها المجلس والحكومة.

الشريعة والدستور

وتناول المحور الأول الشأن السياسي، وبيّن أن أعضاء المجلس متمسكون بفضائل التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لمواجهة القضايا والمشكلات التي تهم الوطن والمواطنين، ويسجلون ترحيب الحكومة بالاقتراحات النيابية المقدمة خلال انطلاق جلسات الحوار، معتبرين أن تداول المجلس مع الحكومة حول برنامج عملها فرصة مواتية للاتفاق على خطة الإنجاز وأولوياته، وقد جدد عدد منهم الدعوة إلى الالتزام الكامل بالشريعة الإسلامية، وتكييف كل الأفعال والقرارات معها احتراماً لدين الدولة ودستورها، وأكد جل النواب أن نظام الحكم الذي تعاهد عليه الحاكم والمحكوم هو الديموقراطية النيابية التي تتطلب دوماً وقفة لحماية هذا النظام، وكفالة حق التمثيل النيابي، وصون حق الشعب في الرقابة والاطلاع على أعمال من ينوبون عنه في أداء مهامهم ودفاعهم عن مصالحه.

الأزمة السياسية

ودعا أعضاء آخرون إلى ضرورة معالجة الأزمة السياسية المستمرة بمراجعة القانون الانتخابي، وإقرار ديموقراطية متكاملة تستمد فيها السلطة التشريعية قوتها من وجود تجمعات برلمانية متجانسة لا من أفراد متأثرين بتقسيم طائفي أو قبلي فئوي، وتكون فيها السلطة التنفيذية سلطة إنجاز وتنمية، ذات كفاءة في إدارة الحكومة ومرافق الدولة، وتخضع فيها سلطة القضاء لقوانين ضامنة للنزاهة في المرفق القضائي بكل مكوناته، وتتيح التناوب على مناصب القيادات القضائية، وأن تتوجه سياسة الدولة نحو تكويت القضاء، وفتح المجال لخريجي الحقوق من أبناء البلد. وركز النواب على أن المجلس على استعداد للتعاون مع الحكومة لحل الأزمات وتجنيب البلاد أي احتقان سياسي، وذلك بالاستجابة لتطلعات الشعب وما ينتظره من إنجازات تستحق أن تكثف لها جهود الجميع تغليباً للمصلحة الوطنية.

الشأن الاجتماعي

وتناول المحور الثالث الشأن الاجتماعي، بدعوة المجلس للحكومة إلى اعتماد سياسة بديلة لتطوير برامج الرعاية السكنية والنهوض بالمؤسسة العامة، وقيام الدولة بدور أكبر للتحكم في سوق العقار وفي كلفة البناء، وتوفير العرض السكني والتمويل المناسب للأسر، وإيجاد حلول منصفة لتقديم الرعاية السكنية بشروط معقولة لغير المتزوجات والمطلقات والأرامل.

وفي موضوع التعليم، نادى الأعضاء بإقرار إصلاح شمولي للمنظومة التعليمية بكل مراحلها الابتدائية والثانوية والجامعية، يشمل المناهج والبرامج وتكوين المعلمين والأساتذة، وربط مخرجات التعليم بسوق العمل ومتطلبات النمو الاقتصادي واحتياجات القطاعات الحكومية والأهلية.

وبشأن الغلاء وارتفاع كلفة المعيشة، أجمع النواب على ضرورة رفع الرواتب حتى تتناسب مع متطلبات الحياة اليومية.

وقالوا إن مجلس الأمة على يقين بأن رفع شعار «استدامة الأمان الاجتماعي في مواجهة التحديات» يتطلب توجيه استراتيجية الإصلاح نحو العنصر البشري لتحقيق التنمية الاجتماعية بكل عناصر الرعاية التي تقتضيها، ويؤكد استعداده للتعاون معها لإقرار التشريعات والقوانين التي من شأنها تحقيق هذه الأهداف.

الهوية الوطنية

وتناول الخطاب في المحور الرابع السياسة الخارجية الهوية الوطنية، الأمن الداخلي، وأشاد المجلس بسياسة دولة الكويت الخارجية تحت قیادتكم وتوجيهاتكم وما تقوم به من أدوار إنسانية في إشعاع قيم الخير والسلام والصداقة بين البلدان، وسعيها الدائم إلى لمّ الشمل العربي والإسلامي وتعزيز التعاون الخليجي ونصرة القضايا العادلة وفي مقدّمتها قضية العالم.

وذكر نواب آخرون أنهم تقدّموا دعوا إلى استعجاله في جلسة خاصة يهدف إلى بسط سلطة القضاء على قضايا الجنسية بما يضمن وقف كل استخدام سيئ ويحسم ما يروج عن وجود حالات تزوير، وأيضا رفع كل حالات الظلم التي قد تكون لحقت العديد ممن سحبت جناسيهم ظلما ولم تردّ إليهم بالمخالفة لتوصيات لجنة عودة الجناسي، والمجلس يدعو الحكومة إلى حوار موضوعي يحيط بكل جوانب هذه القضية، ودراسة عميقة للاقتراحات التي طالما كانت محط مناقشات وآراء متباينة، ولكنها تصب جميعا في البحث عن أنجع الحلول للحسم في هذا الأمر على أسس من التوافق الذي تتحقق به المصلحة الوطنية وتكون فوق كل اعتبار.

وفي ارتباط بنفس الموضوع، دعا عدد من المتدخلين إلى تسوية نهائية ومنصفة لوضعية «المقيمين بصورة غير قانونية» بتجنيس جميع المستحقين من الذين يستوفون الشروط (حاملي إحصاء 1965 والمشاركين في حرب التحرير ١٩٩٠) ومنح الإقامة الدائمة لمن يستحقها، وتخصيص بطاقة مدنية لجميع غير محددي الجنسية حتى يستفيدوا من كل ما يتيحه لهم القانون من حقوق مدنية واجتماعية والتوظيف بالأولوية على غيرهم من الأجانب.

وعن التركيبة السكانية، قال النواب إن الحكومة مطالبة بتفعيل القانون واتخاذ الإجراءات الجادة التي من شأنها معالجة الخلل وآثاره السلبية التي يدل عليها استمرار الأوضاع في عدد من البؤر ذات الخطورة.

وتحدث بعض النواب عن جهاز أمن الدولة، الذي عليه أن يكون قدوة في الالتزام بالقانون بعدم المساس بكرامات الناس وحقوقهم والنأي عن إهانتهم، إذ تمت الإشارة إلى ظروف القبض في المدة الأخيرة بطرق مهينة على بعض أصحاب التبرعات وأعمال الخير كافلي الأيتام الذين يظلون أبرياء، ما لم تثبت إدانتهم بأي جرم.

جائحة كورونا

ولفت الخطاب إلى المحور الخامس بشأن دروس جائحة كورونا والعودة للحياة الطبيعية، وأشاد المجلس بجهود جميع منتسبي وزارة الصحة من الكوادر الطبية والتمريضية والمساندة وتضحيات المنتسبين لكل القطاعات الحكومية في الصفوف الأمامية يعتز بروح التضامن واحترام القرارات الاحترازية التي أبداها المواطنون والمقيمون رغم قساوتها وتأثيرها على الأنشطة الاقتصادية والتجارية وعلى ظروف العيش والحد من حرية التنقل.

والمجلس يعتبر بعد كل هذه الفترة العصيبة الماضية أن الدولة مطالبة بمد يد العون للقطاعات المتضررة ومساندتها حتى تسترجع عافيتها ومساهمتها في إنعاش الاقتصاد الوطني والانخراط السلس في إجراءات العودة للحياة الطبيعية.

الحوار الوطني

وقال النواب إن توجيهاتكم السامية بإقامة الحوار الوطني وتجاوبكم مع المناشدة البرلمانية لإقرار العفو عن أبنائكم المحكومين، كان رسالة بليغة إلى السلطتين من أجل الانفتاح على مرحلة جديدة يتم فيها بذل ما يقتضيه الوضع من إصلاح والتغلب على كل المعوقات وخلق الأجواء الإيجابية للمضي قدماً في إنجاز ما يتطلع إليه الشعب من نمو وازدهار.

إن أعضاء مجلس الأمة يجددون لسموكم العهد بأنهم لن يدخروا جهداً في استعمال كل صلاحياتهم الدستورية براً بقسمهم، في سبيل تحقيق الخير والرفعة للوطن رائدهم في ذلك روح الأمل والتفاؤل وقوة العزيمة والحزم التي تطبع سياستكم الرشيدة ورؤيتكم النيرة لتكون الكويت دائماً أرضاً للخير والرخاء والأمن والاستقرار.

الإصلاحات الاقتصادية

فيما يخص المحور الاقتصادي، دعا الخطاب الأميري السلطتين إلى اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية لمعالجة الاختلالات الهيكلية وفق برنامج زمني مدروس وعاجل.

وجاء في الرد على الخطاب بالصيغة المقترحة من اللجنة، أن المجلس مستعد لإقرار القوانين التي تحقق تلك الأهداف وعلى الحكومة أن تضمّن برنامج عملها خطة واضحة ومحددة زمنياً ومتوفرة على وسائل إقرار الإصلاح المنشود الذي من شأنه فعلاً «تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية والتنمية الاجتماعية…» يجب الاعتراف بأن القطاع النفطي لم يوفق في تحقيق الأهداف المرجوة منه، ويواجه صعوبات عديدة جراء الخسائر التي تتكبدها عدة مشاريع والارتفاع المطرد للمصاريف التشغيلية وإبرام عقود غير مبررة، وإذا كانت الاستراتيجيات التي وضعت لم تبرهن عن النجاح المأمول، فمن الواجب إجراء التقييم الموضوعي ثم المبادرة بتصحيح هذا الوضع.

ويقتضي الإصلاح الاقتصادي المستدام الانتقال باستعجال إلى تنويع مصادر الدخل وقد تأخرت دولة الكويت في ذلك مقارنة مع بلدان المنطقة وأصبح لزاماً اتخاذ خطوات حقيقية فعالة بالتركيز على القطاع النفطي من خلال تطوير الصناعات التحويلية والكيماوية والمشتقات النفطية وبرميل النفط الذهبي، وإقرار استراتيجية متكاملة للأمن الغذائي.

وبخصوص العجز في الميزانية ووضعية الاحتياطي العام جدد الأعضاء رفضهم المس بجيب المواطن سواء بفرض الضرائب أو إعادة تسعير السلع والخدمات، كما عبروا عن معارضتهم لمشروع الدين العام الذي يرون أنه يرهن الدخل الوطني للبلد ويعطل وتيرة التنمية كما يرهق ميزانية الدولة بالفوائد، داعين مقابل ذلك إلى وقف الهدر وترشيد الإنفاق الحكومي.

وطالب بعض النواب في مداخلاتهم بتصحيح قانون الميزانية ليتوافق مع النص الدستوري الذي يقضي بأن تكون الميزانية شاملة لجميع الإيرادات والمصروفات، وفي هذا السياق نادوا باسترجاع نسب أرباح استثمارات كل الشركات والجهات العامة الواجب ضخها في الاحتياطي العام.

وقال النواب إن مجلس الأمة على اقتناع تام بأن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، في ظل الآثار المترتبة على جائحة كورونا، تتطلب إلى جانب تعاون السلطتين لاتخاذ ما يقتضيه الوضع من إجراءات، اعتماد رؤية شمولية تأخذ بالاعتبار أن الاختلالات التي تعرفها المنظومة الاقتصادية والاجتماعية ليست وليدة ظروف الجائحة، إنما ازدادت تفاقماً بسببها، لذلك فإن المجلس يرى أن تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية والتنمية الاجتماعية يحتاج بالإضافة إلى وضع آليات وأدوات تحقيق الأهداف المحددة، القيام برفع العوائق التي عطلت مسيرة التنمية المتعلقة على الخصوص بغياب جودة الحوكمة ونقص الكفاءة في الإدارة والنزاهة في التسيير.

وعبروا عن تطلع المجلس لأن تكون مناقشة برنامج العمل الذي تقدمت به الحكومة لهذا الفصل التشريعي فرصة حقيقية لتعميق الحوار بهذا الشأن والوقوف على التحديات الرئيسية ومحاور الإصلاح والإجراءات التنفيذية لاعتماد التشريعات والقوانين الملائمة الكفيلة بتحقيق الأهداف الوطنية.

● علي الصنيدح