في وقت تواجه إدارة الرئيس الأميركي الديموقراطي جو بايدن معارضة إقليمية وداخلية متصاعدة على خلفية تقارير تشير إلى استعدادها إبرام صفقة ذرية «بأي ثمن»، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، التوافق الحاصل في مفاوضات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على طهران بأنه «ليس وشيكاً ولا حتمياً». وقال المتحدث نيد برايس، في مؤتمر ليل الاثنين ـ الثلاثاء: «تم إحراز تقدم كبير في المحادثات النووية بالأسابيع الأخيرة، لكنني أردت توضيح أن الاتفاق لم يكن وشيكاً أو نهائياً، وفي الواقع، فإن الولايات المتحدة مستعدة بنفس القدر لسيناريوهات مع أو بدون الاتفاق النووي».
وأضاف برايس، أن بايدن ملتزم بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية خلال فترة رئاسته، وهذا الالتزام منصوص بوجود «الاتفاق النووي» أو عدم وجوده.وعن إمكانية عودة فرق التفاوض إلى فيينا، أوضح المتحدث أنه لم تحدث تطورات جديدة، وأن فريق التفاوض الأميركي موجود حالياً في واشنطن.وامتنع المتحدث باسم الخارجية الأميركية عن التعليق على إمكانية «إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية» بعد تسريبات عن استعداد إدارة بايدن لاتخاذ قرارات صعبة بهدف إنجاح مفاوضات فيينا التي تخوضها بشكل غير مباشر مع إيران منذ 11 شهراً لإحياء الاتفاق المقيد لطموحها الذري. وقال المتحدث: «نحن لا نؤمن بالمفاوضات المفتوحة، وليس من المقرر أن نرد على مزاعم حول العقوبات التي قد يتم رفعها كجزء من عملية عودة متبادلة محتملة» للاتفاق الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.وبين برايس، أنه كانت هناك ولا تزال قضيتان رئيسيتان في المفاوضات. الخطوات النووية التي يتعين على إيران اتخاذها إذا استأنفت التقيد الكامل باتفاق 2015 لضمان منعها بشكل دائم وقابل للتحقق من امتلاك أسلحة نووية، ومن جهة أخری، خفض العقوبات.ولفت إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك في حالة العودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي، مجدداً تأكيد واشنطن استعدادها لاتخاذ قرارات صعبة.وأشار برايس إلى أنه في الفترة التي تم فيها تنفيذ الاتفاق النووي بالكامل وتبعتها إيران، كان وقت التهرب النووي، أي حصول إيران على المواد اللازمة لبناء سلاح نووي، أطول بكثير مما هو عليه اليوم. وفي بداية تنفيذ الاتفاق كان هذا الوقت يُقدر بسنة كاملة.وأوضح أن وقت التهرب النووي الحالي لإيران يقدر بأقل بكثير من عام، وأن الولايات المتحدة تريد إطالة أمد هذا الوقت، وهذا الموضوع لا يقل أهمية عن التحقق من منعها بشكل دائم من امتلاك أسلحة نووية.
معارضة وشكوك
وجاء سعي إدارة بايدن لكبح التقارير عن استعدادها لإبرام التفاهم مع طهران بأي ثمن قبل ساعات من حضور الممثل الأميركي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي اجتماعاً مغلقاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أمس، لإطلاع أعضاء «الكونغرس» على تفاصيل محادثات فيينا وشروط الاتفاق المحتمل مع إيران. وتواجه جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني شكوكاً متزايدة في «الكونغرس» من جانب كل من الديموقراطيين والجمهوريين.ويقول المشرعون من كلا الحزبين، إنه لم يتم إطلاعهم على الشكل الذي قد تبدو عليه الاتفاقية الجديدة مع إيران، وهم يخشون من أن تكون أضعف بكثير من الصفقة التي أبرمها الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2015 لأن «الولايات المتحدة فقدت الوقت والنفوذ».ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «ذا هيل» الأميركية، هناك أيضاً شكوك حول ما إذا كان الوقت مناسباً حالياً للتفاوض على اتفاقية جديدة بينما علاقات الولايات المتحدة مع روسيا والصين في أدنى مستوياتها، وهما من الموقعين عل «الاتفاق النووي».كما أن هناك مخاوف من أن تنتهي الصفقة الجديدة بتوجيه مليارات الدولارات إلى روسيا لأنها ستسمح لموسكو بمواصلة القيام بنشاطات الطاقة النووية مع إيران.وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديموقراطي بوب مينينديز، إنه لا يعرف ما يكفي عن تفاصيل الصفقة الناشئة ليقول ما إذا كانت ستكون قوية بما يكفي ليدعمها.وكان مينينديز أحد أربعة ديموقراطيين صوتوا ضد الاتفاقية الأولى في عام 2015، إلى جانب السيناتور بن كاردين والسيناتور جو مانشين وزعيم الأغلبية في «الشيوخ» السيناتور تشارلز شومر.من جهته، قال بن كاردين، ثاني أكبر ديموقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في «الكونغرس»، إن ترامب ارتكب خطأ بالانسحاب من الاتفاق الإيراني قبل أربع سنوات.واعترف بأن العلاقات المتدهورة مع روسيا والصين تشكل عقبات أمام التفاوض على صفقة جديدة وأنه قد يكون من الأفضل الانتظار على أمل صياغة اتفاق أقوى في وقت لاحق.وتابع: «أنا لست بالضرورة مع التسرع في التوصل إلى اتفاق، وما زلت أعتقد أنه يجب أن يكون لدينا اتفاق أطول»، في إشارة إلى شروط اتفاق 2015 الذي طالب إيران بتقليص أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها لمدة 10 سنوات فقط.