رحيل جيل دولة الدستور
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
جيلٌ تميز بحبه لوطنه، ولم ينشغل بتجميع الثروة وزيادة الثراء، جيلٌ نزاهته وأمانته كانت خلقاً حياتياً وسمتاً سياسياً، لم تشغله بطولات زائفة ولا صراعات تافهة، ولا انحرافات جارفة، جيلٌ لم تغره المناصب والزعامات، ولم تشغله التكسبات والإغراءات، ولم يتسابق لتعيين المعارف والصداقات، ولم يلوث الانتخابات بالرشاوى والعطاءات والهبات. جيلٌ سطر ملحمة وطنية مشرقة.أما الجيل الذي نشهده الآن فهو جيل جديد من أبناء الأسرة والنواب، صار همهم وديدنهم الانقضاض على خيرات الدولة واقتسام ثرواتها، فظهرت فيهم الأنانية والإثارة، والتآمر والتربص بالدستور وبمجلس الأمة ومحاصرة الحريات وملاحقة كل صاحب رأي حر ونزيه ولديه مجرد بوادر للإصلاح. لقد تم تحويل مجلس الأمة لسلطة شرفية للوجهات والتكسبات والخدمات ونزعت عنه - واقعياً - كل سلطاته واختصاصاته المهمة تشريعياً ورقابياً، وصارت العضوية والوزارة غاية بذاتها وتشريفاً لا تكليفاً، فغاب العمل الجاد بكل تفانٍ وصمت.إن حفظ المعروف لجيل الآباء المؤسسين، الذين نسأل الله الرحمة للأموات منهم وطول العمر والعافية لمن هو على قيد الحياة منهم، يكون بحفظ الأمانة التي عملوا من أجل إرسائها منذ عشرينيات القرن الماضي (1920)، وبإعادة الاعتبار لكويت الدستور والحرية والنظام البرلماني المعتبر كما تم بناؤه وتطبيقه في مراحل مختلفة من عمره، لا يدخل ضمنها مجالس ضيعت الأمانة وتراجعت عن رسالتها، وخصوصاً مجالس 2013 و2016 و2020.ولتدرك أسرة الحكم أن التراجع الذي تم ويتم هو خسارة لهم وللكويت وشعبها، ولن ينفع مسايرة أو الاستماع للوشاة والمتآمرين على الدستور ورغبتهم في عودة المشيخة العشائرية لهيمنتهم وتحقيقهم لمآربهم الشخصية.