العقل المفكر لبوتين... داهية استراتيجي
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
من القراءات المتوافرة عن "دوغين" هذا أنه متأثر بالنزعة السلافية الأرثوذكسية ومن دعاة "الطرح الأوراسي" بالمعنى الجغرافي وهو الفضاء الممتد من الأطلسي إلى جبال الأورال في روسيا، حيث قدم رؤيته وفق ما بات يعرف "بالنظرية السياسية الرابعة"، وهي نظرية تسعى إلى "حماية الوجود من الممارسات المؤدلجة" بعيداً عن المدارس الشيوعية والليبرالية والفاشية التي تعترف بـ"حق الجميع في الحياة والشراكة"! يصفونه في الغرب بأنه عقل بوتين الاستراتيجي، وباعتقاده أن الحرب ضد أوكرانيا وقبلها التدخل في سورية ضرورات أولتها "الحاجة الجيوسياسية" التي تتخطى الحدود الراهنة لروسيا الاتحادية، ويرى أنه لا بد من تقسيم أوكرانيا إلى شرقية تتبع بلاده، وغربية من حيث الموقع الجغرافي إنما تبقى حيادية وتابعة لروسيا. فهو أهم منظري فلسفة القومية الروسية والمتحدث بثماني لغات، وهي ميزة يضفونها على شخصه لإعطائه مسحة من العبقرية، وهو العضو الفاعل في حزب "روسيا الموحدة" الحاكم ومؤسس الجبهة القومية البلشفية وحزب أوراسيا الروسي، وهو من دعاة السيطرة على المناطق والدول والأقاليم التي يسكن فيها الناطقون باللغة الروسية أينما كانوا، وهذا ما يفسر إصرار بوتين على إلحاق شبه جزيرة القرم وجمهوريتين في شرق أوكرانيا بروسيا الاتحادية. الصراع القائم هو بين "قوى البَرْ" و"قوى البحر"، ومن يسيطر على أوراسيا (قلب العالم) يسيطر على العالم، وروسيا تسعى في "استراتيجيتها الأوراسية" إلى استخدام كل ما لديها من عناصر القوة، ابتداء من موقعها الاستراتيجي وامتلاكها ثروات طائلة وقوة عسكرية جبارة ونفوذا سياسيا... وفي المحصلة تلك هي صورة القوة العظمى لروسيا الجديدة!