بوصلة: اقتصادنا... أمن وطني
![د. عبدالعزيز إبراهيم التركي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/332_1709994422.jpg)
أما تحقيق الأمن الاقتصادي فيتم من خلال النفاد إلى الموارد الحيوية والأسواق الضرورية للحفاظ على مستويات مقبولة من الرفاهية وقوة الدولة، فالأمن والتنمية عنصران متلازمان، أي خلل في أحدهما ينعكس سلبا على الآخر، وأي استقرار أو تطور فيهما ينعكس عليهما بالإيجاب، فلا تنمية بلا أمن ولا أمن بلا تنمية، فالأمن هو المحرك الحقيقي للتنمية والداعم لها والمؤكد على استقرارها وازدهارها واستدامتها، ولهذا تحرص دول العالم على الاهتمام بالأمن واعتباره من أهم الواجبات الرسمية التي تقوم عليه الدول، وتسخر له كل الإمكانات المادية والبشرية.لذا بات من الضروري أن ننظر إلى التحديات الاقتصادية ضمن إطار استراتيجية الدولة للأمن الوطني بحيث نضع كل الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد والمالية العامة، وفي سوق العمل والتركيبة السكانية، وفي الاحتكار وتضخم الأسعار، وفي الاعتماد على مصدر وحيد للدخل والطاقة، تحت مظلة الأمن الاقتصادي الوطني، إضافة إلى التحديات الخارجية الناتجة عن التطورات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تشهدها مختلف الدول ويتأثر بها الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يضع الجهات المختصة في الدولة أمام مسؤوليات وطنية تتطلب أولاً متابعة وإدراكاً لما يدور على الساحة الإقليمية والدولية من مستجدات، وثانياً تحديد الوسائل الكفيلة لمعالجة مخاطرها والحد من آثارها على المستوى المحلي، وذلك من خلال إتخاذ الخطوات التالية:1- إنشاء بيئة رقمية تربط بين مؤسسات الأمن الوطني لتبادل المعلومات ورصد المخاطر وتقييمها بشكل سريع وآمن بهدف تقديم خيارات متعددة ومبتكرة للقياديين ومتخذي القرار.2- تطوير دراسات الأمن الوطني والدراسات الاستراتيجية في المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وتشكيل مجتمع الأمن الوطني (أو مركز إدارة الأزمات) المكون من القياديين، والخبراء الأكاديميين، والقادة الميدانيين، والإعلاميين، والباحثين المبتكرين، ورجال الأعمال والمبادرين، لتطوير الأفكار اللازمة لتخطيط سياسات للأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي. 3- إعادة تقييم آلية توزيع الحيازات الزراعية والصناعية والحرفية بما يتناسب مع خطة الدولة في تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات الحرفية والزراعية لتحقيق الأمن الغذائي.4- دعم القطاع الصناعي وتوسيع قاعدته الإنتاجية والتحويلية لتوفير المنتج المحلي بأسعار تنافسية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.5- اتخاذ خطوات جادة وسريعة في مجال تنويع مصادر الدخل والطاقة والغذاء والمياه والعمالة وما تتطلبه هذه الخطوات من توطين للخبرات والمهارات وتمكين الكفاءات وتغيير القوانين والتشريعات.إن أمننا الاقتصادي جزء أساسي من أمننا الوطني، ويتطلب منا الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمالية والبشرية لزيادة قدرة الدولة على تحقيق اكتفاء ذاتي مستدام في مختلف القطاعات الإنتاجية والغذائية والخدمية.