لم نكد نُغالب حزننا على رحيل القامة الوطنية الشامخة الدكتور أحمد الخطيب، حتى فُجعنا بنبأ رحيل رفيق دربه الرمز الوطني الكبير المرحوم عبدالله النيباري، أحد الرجال الذين (صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلاً).النيباري بعد الدكتور الخطيب ضمن رموز وأقطاب وطنية عملاقة غابوا عنَّا واحداً تلو الآخر، بعد أن سطَّروا إسهاماتهم في مسيرة وطنهم بأحرف من نور، وغدوا قناديل للتنوير السياسي والاجتماعي لدينا، ثم انطفأت، ولكن سيبقى وهجها مشتعلاً بضمائر الشعب، الذي التف حولهم طوال مسيرتهم.
قبلهما القطبان المناضلان جاسم القطامي وسامي المنيس، ثم الرموز: أحمد الربعي فحمد الجوعان ومشاري العصيمي، ومَنْ سبقهم من القدوات الكبار، مثل: عبدالعزيز الصقر وأخيه جاسم الصقر، وبناة الدستور وكتبته: عبداللطيف ثنيان الغانم وحمود الزيد الخالد ويعقوب الحميضي، وكوكبة من رفاقهم المؤسسين، الذين لا يتسع المجال لحصر أسمائهم بمقال، غادروا لتطوى بغيابهم صفحات مُشرقة من تاريخ وطننا وأمتنا العربية، مخلفين للأجيال إرثاً وفيراً من العطاء الوطني، وبصمات مؤثرة بشتى مسارات الحياة السياسية والاجتماعية، وحملوا مشاعل الحرية والديموقراطية، التي بزغ فجرها في عهد "أبوالدستور" الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، طيَّب الله ثراه.سعى النيباري الرمز مع رفاقه لترسيخ مفاهيم تأميم الثروات الوطنية ودولة العدالة والنزاهة ومناهضة الفساد، وقاوموا الانتكاسات المتوالية في الحياة النيابية، وقدَّموا أرواحهم فداءً لمبادئهم ومعتقداتهم. مغادرة تلك القامات محكومة بإرادة الخالق، ولا راد لها، ولكن لابد من استنهاض جهود وعقول المؤرخين، لتدوين إسهاماتهم في أسفار خلود وطنهم وأمتهم، ولابد من استلهام عطاءاتهم، لانتشال المسيرة الديموقراطية من تراجعها، وحمايتها من أعدائها المتربصين بها، وتدعيم أركان دولة الدستور والقانون أمام المخاطر التي تتهددها وتدفع المجتمع للكُفر بها والسعي للعودة بها إلى الوراء، بعد كل ما بذله أولئك الرجال النماذج من نضال وتضحيات عكست صورة الكويت المشرقة في وسطها الإقليمي والعالمي.أملنا بمَنْ هم على قيد الحياة من قامات وطنية، لمواصلة الجهود نحو الإصلاح، والتوافق على حماية المبادئ الدستورية، التي سعى لترسيخها مَنْ سبقهم أو عاصرهم من الراحلين الكبار. نعزي أنفسنا والأخت الصابرة فريال الفريح، حرم الرمز المرحوم عبدالله النيباري، كما نعزي ذويه ورفاق دربه ومُحبيه، ونسأل الله له المغفرة، وعزاء خاص لرابع الثلاثة (بوبدر) أحمد النفيسي، أمدَّه الله بالصحة وطول العُمر.
أخر كلام
6/6 : انطفأت قناديل التنوير
24-03-2022