بالعربي المشرمح: بطولة الجمبزة!

يعود تاريخ الجمباز إلى أربعة آلاف سنة مضت، ويذكر البعض أنها من تراث وعادات مصر القديمة الذين كانوا يقفزون ويقومون بحركات تحتاج إلى لياقة بدنية كبيرة، ويصفونها بالبهلوانية، والمعروف أن الجمباز من الألعاب الرياضية ولا علاقة له بالسياسة أو الفن والأدب.

ولأن الجمباز لعبة رياضية تعتمد على الحركات والمرونة والتشقلب فإننا في الكويت نطلقها على الشخص المراوغ والمخادع والكذاب فنقول (فلان جمبازي) لذلك اشُتهر أكثر ممارسي الجمبزة لدينا في الدين والاقتصاد والتجارة والثقافة والصحافة، لكن السياسة ورجالها هم من تفوقوا في الجمبزة على المجالات الأخرى، حتى أن ساستنا لو شاركوا في هذه اللعبة عالمياً فأنهم سيسحقون قرناءهم دون جهد يذكر، وذلك لخبرتهم في التشقلب والمراوغة والخداع. أنا أتحدث هنا عن ساستنا الحاليين ولعيبة السياسة في وقتنا الحاضر، وكلنا نشهد على إتقانهم هذه اللعبة وإجادتهم ممارستها، حتى إن كانت تلك الممارسة عبثية ومضرة بمستقبل الوطن واستقراره، وبلغت الجمبزة ذروتها خلال الأعوام الأخيرة، لتشمل كل القطاعات والمؤسسات وبتفوق منقطع النظير.

فلدينا جمبازية دين كما لدينا جمبازية تجارة واقتصاد، ولدينا جمبازية إعلام وصحافة، وهناك جمبازية مثقفون وأكاديميون وكتّاب وممثلون، وفي كل مكان نجد للجمبازية مكاناً وموضع قدم، إلا أن الساسة هم المتصدرون للبطولة والمتفوقون على الجميع بحركاتهم البهلوانية ومراوغاتهم العلنية وكذبهم المفضوح، ولأنهم المتفوقون والمتصدرون لبطولة الجمبزة طوال السنوات الأخيرة فإن جمبازية التخصصات الأخرى ينافسون على المركز الوصيف ولا طموح لديهم لنيل البطولة، بل أقصى ما يسعون إليه هو رضا الجمبازية الأبطال جمبازية السياسة.

يعني بالعربي المشرمح:

نعيش زمن الجمبزة وكل ما نراه ونسمعه هو صراع جمبزي لنيل البطولة على أعلى مستوى للفرق المتنافسة، ورغم حفاظ الساسة على البطولة طوال السنوات الماضية فلا أعتقد أن أيا من الفرق سينجح في الحصول على كأس الجمبزة سواهم، لإتقانهم فن المراوغة والحركات البهلوانية والخداع، وطالما أننا نعيش هذه البطولة التي يبدو أنها مستمرة ولا نية لإلغائها أو التخلي عنها فإن الجمبزة ستكون موروثاً شعبياً نحتفل به في كل وقت وكل حدث، وهنيئاً لجمبازيتنا هذا الإنجاز العظيم.

● محمد الرويحل