مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الثاني، شهدت بروكسل ثلاث قمم في يوم واحد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ومجموعة السبع G7 والاتحاد الأوروبي، بحضور قادة الدول الغربية، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي جو بايدن.

وفي البيان الختامي للقمة الاستثنائية للناتو، أعلن قادة الغرب "تجهيز كل الاستعدادات للتصدي لكل أنواع الأسلحة الكيماوية والنووية إذا استخدمها الطرف الآخر في الحرب التي تشنها روسيا"، مؤكدين الاتفاق على "تعزيز الجناح الشرقي للحلف، وتشكيل أربع مجموعات قتالية أخرى في بلغاريا والمجر ورومانيا وسلوفاكيا، ومواصلة حماية كل شبر من أراضيهم، وتقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا كي تدافع عن نفسها".

Ad

وطالب القادة الصين بعدم دعم روسيا في حربها على أوكرانيا بأي شكل من الأشكال، مشيرين إلى مبادرة كبرى لنقل شحنات الغاز الطبيعي الأميركي المسال إلى أوروبا.

وتعهد بايدن بمواصلة دعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحكومته بمساعدات أمنية كبيرة لمواجهة العدوان الروسي ودعمهم في الدفاع عن النفس، معلنا التزامه والحلفاء الآخرين معا بتحديد معدات إضافية، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي.

ولاحقا، حذر قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى G7 بوتين من استخدام أسلحة كيماوية أو نووية، مؤكدين أنهم سيستمرون في فرض "عواقب وخيمة" على روسيا، من خلال التنفيذ الكامل للعقوبات المفروضة بالفعل، إضافة إلى استعدادهم لتطبيق إجراءات إضافية.

جونسون وتشرشل

وفي مستهل القمة الاستثنائية لقادة حلف الأطلسي، حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أن بوتين "تجاوز بالفعل الخط الأحمر، متجها إلى الهمجية، ويجب أن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية"، مؤكدا ضرورة إسراع الحلفاء في "خنق الاقتصاد حول نظام بوتين ومنعه من استخدام احتياطي الذهب".

وقارن جونسون زيلينسكي برئيس الوزراء البريطاني الأسبق الراحل ونستون تشرشل، الذي صمد أمام هجوم النازيين في الحرب العالمية الثانية.

وقبل افتتاح القمة، اتهم الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، الذي مدد له في منصبه لعام، بوتين باقتراف "خطأ كبير". وقبل أن يتحدث بايدن إلى قادة الاتحاد الأوروبي، والإعلان عن مجموعة من العقوبات الأميركية والأوروبية، شملت أكثر من 600 شخصية سياسية ومؤسسة وأي معاملات بالذهب، ألقى زيلينسكي كلمة أمام قادة الناتو عبر الفيديو، وواصل الضغط من أجل فرض منطقة حظر جوي.

وطلب زيلينسكي تزويده بمساعدة عسكرية وأسلحة هجومية "بدون قيود"، مضيفا: "فيما روسيا تستخدم، بدون قيود، كل ترسانتها ضدنا يمكنكم منحنا 1 في المئة من طائراتكم"، متهما موسكو باستخدام القنابل الفوسفورية.

ونبه إلى أن روسيا تعتزم المضي قدما بعد أوكرانيا لتستهدف دول شرق أوروبا، ودعا أمس الأول شعوب العالم إلى التظاهر في الشوارع ضد الغزو الروسي، ودعا الروس أيضا إلى مغادرة روسيا وعدم دفع الضرائب.

تركيز على الدونباس

وعلى الأرض في أوكرانيا، قال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن "الأوكرانيين نجحوا في دفع الروس للتراجع إلى بُعد 55 كلم شرق وشمال شرق كييف"، مضيفا: "بدأنا نراهم يتحصنون ويقيمون مواقع دفاعية، والمسألة ليست أنهم (الروس) لا يتقدمون، بل أنهم لا يحاولون التقدم. إنهم يتخذون مواقع دفاعية".

وبحسب المسؤول الأميركي، فإن الجيش الروسي يعطي الآن، على ما يبدو، الأولوية لمنطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين المواليتين لموسكو في شرق أوكرانيا، مبينا أنه "يحاول تثبيت القوات الأوكرانية المنتشرة منذ 2014 على طول خط الجبهة مع المناطق الانفصالية في مكانها، حتى لا يمكن استخدامها في مكان آخر".

وقتل أمس 6 مدنيين على الأقل، وأصيب 15 في قصف روسي على خاركيف، شمال شرق أوكرانيا، كما قصفت القوات الاوكرانية سفينة إنزال روسية على الساحل الجنوبي.

انقلاب

جاء ذلك، فيما نقلت صحيفة تايمز البريطانية، عن "عميل روسي في جهاز المخابرات"، ان بوتين بات معرضا لخطر الانقلاب من قبل أجهزة الأمن الخاصة به أكثر من أي وقت، خصوصا من قبل جهاز الأمن الفدرالي الروسي (FSB)، الذي ألقى بوتين باللوم عليه في فشل محاولة روسيا للإطاحة بالحكومة في كييف، ويعاني أعضاء هذا الجهاز أكثر من غيرهم فيما يخص العقوبات الغربية، كونهم كانوا يتلقون امتيازات كبيرة، وهم لا يريدون "العودة إلى حقبة الاتحاد السوفياتي".

ونفى الكرملين الشائعات بشأن مكان وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي لم يظهر علانية منذ أسابيع. وشويغو مرشح دائم لخلافة بوتين لدى الكثيرين من المراقبين والخبراء بالشأن الروسي. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "وزير الدفاع مشغول جدا"، مبينا أنه "من المفهوم بصورة كاملة" أن هذا ليس وقت الظهور الإعلامي.

وكانت وسائل إعلام روسية أعربت عن دهشتها أن شويغو لم يظهر علنا منذ 11 مارس الجاري، في ظل تكهنات بشأن معاناته من مشاكل صحية محتملة تتعلق بالقلب، ونفى بيسكوف هذه التقارير.

وحضر بوتين أمس اجتماع مجلس الأمن القومي، ووفقا لبيسكوف، أحاط شويغو المجلس علما بشأن "تقدم العمليات"، ولاحقا وزع فيديو للاجتماع، الذي تم عبر تقنية الفيديو، يظهر فيه شويغو بشكل مقتضب.

نووي فرنسي

إلى ذلك، رفعت فرنسا، القوة النووية الأوروبية الوحيدة مع بريطانيا، مستوى التأهب فيما يتعلق بالردع النووي، وأفادت تقارير بوجود الغواصات النووية الفرنسية الثلاث بالبحر، في وقت واحد، وهو وضع غير مسبوق. وذكرت وسائل إعلام يونانية أمس أن حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" رست قبالة ميناء بيرايوس اليوناني.

ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تقوم "شارل ديغول" بدوريات في بحري أيجه والأيوني إلى شرق وغرب شبه جزيرة بيلوبونيز، فيما تقوم طائراتها بمهمات استطلاعية على طول الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (ناتو) من البحر الأسود قبالة الساحل الأوكراني إلى بحر البلطيق في الشمال.