أكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ «الجريدة»، أن الأميركيين أبلغوا طهران عبر الوسطاء الأوروبيين أنهم لن يتمكنوا من تقديم الضمانات التي تطالب بها في فيينا بالشكل الذي ترغب فيه لإعادة الامتثال بقيود الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها.وأضاف المصدر أن المبعوث الأميركي روبرت مالي أطلع الإيرانيين على نتائج الجلسة السرية التي عقدها مع أعضاء «الكونغرس»، والتي حاول خلالها إقناعهم بأن الوصول إلى تفاهم في فيينا، يعيد إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، يصب في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنه واجه معارضة كبيرة لإعطاء الضمانات وحتى رفع العقوبات.
وحسب المصدر فإن مالي أطلع الأوروبيين على أن نسبة مقبولة من أعضاء «الكونغرس» لم تعارض مشروع حكومة الرئيس جو بايدن لإعطاء ضمانات للشركات الأميركية التي تريد أن تعمل في الجمهورية الإسلامية، وإن استدعى الأمر أن تحل محل الشركات الروسية والصينية التي أبرمت عقودا لتشغيل مشاريع إيران للطاقة النووية السلمية. وعلى هذا الأساس فإن الضمانة الوحيدة التي يمكن للبيت الأبيض تقديمها لإيران هي قرار رئاسي من بايدن بضمان عدم وضع أي شركة أميركية تحت العقوبات طالما هي تقوم بتنفيذ عقود داخل ايران وفقاً للاتفاقية النووية المحتملة. وينص القرار على حماية الشركات التي أبرمت عقودا مع إيران خلال ولاية بايدن حتى إكمال تلك المشاريع في حال تغير بايدن أو انتهت ولايته وجاء رئيس جديد يرغب في الانسحاب من الاتفاق على غرار ما فعله ترامب عام 2018. وأشار البلاغ إلى أنه في حال أسندت طهران مشاريع ضخمة للشركات الأميركية فإنها ستشكل عائقاً مستقبلياً لثني أعضاء «الكونغرس» عن فسخ الصفقة التي يتم التوصل إليها في فيينا عبر استخدام نفوذها.
مسألة ونصيحة
وبشأن مسألة رفع «الحرس الثوري» من القائمة الأميركية للجماعات الدولية الإرهابية فإن «البيت الأبيض» قدم مقترحاً يتضمن القيام بالخطوة بإطار شكلي ودون الدخول في تفاصيل حول العقوبات المفروضة على «فيلق القدس» التابع له مع إعطاء ضمانات شفهية فقط بأن الحكومة الأميركية ستغض النظر عنها مقابل وقف التصعيد والتصادم بين إيران وإسرائيل بشكل كامل.وادعى المصدر أن الإسرائيليين قبلوا المقترح الأميركي للتهدئة المتبادلة مع الإيرانيين، لكنهم رفضوا وقف استهداف القوات الموالية لطهران وتحركاتها بالمنطقة، الأمر الذي ردت عليه الجمهورية الإسلامية بالرفض لأنه يعني الدخول في «دائرة مفرغة من التصعيد الإقليمي». وأضاف أن الايرانيين أبلغوا واشنطن أنهم أوقفوا التصعيد تجاه إسرائيل بعد قصف «الحرس» مقراً في أربيل بشمال العراق «لإظهار حسن نيتهم تجاه الرغبة في انجاح فيينا، لكن إذا لم يكن هناك تفاهم في هذا السياق فإن الإيرانيين لن يستمروا بوقف التصعيد».ولفت إلى أن الأميركيين أوضحوا للإيرانيين انهم يعتقدون أن «الأمور لا تسير على ما يرام، ومن الأفضل أن يكون هناك لقاء مباشر حتى ولو بشكل سري وغير علني بين الجانبين لبحث الخلافات وحلها».واختتم المصدر تصريحاته بالإشارة إلى أن الأوروبيين طلبوا من الإيرانيين قبول الشروط الأميركية حالياً والتوقيع على اتفاق فيينا لـ «كسر الجليد»، وفتح الباب أمام مفاوضات مباشرة بين الجانبين، مشددين على أن الظرف الدولي الحالي، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في مصلحة طهران ويجب عليها أن تستغله لحل مشاكلها مع المجتمع الدولي.صرامة ورفض
وفي وقت سابق، كتب موقع «أكسيوس» الأميركي، ليل الأربعاء- الخميس، نقلاً عن مسؤول رسمي إسرائيلي ومصدرين أميركيين قولهم إن «البيت الأبيض» شدد في الأيام الأخيرة موقفه بشأن إزالة «الحرس الإيراني» من قائمة المنظمات الإرهابية.وأضاف «أكسيوس» أن أحد المقترحات الأميركية في المحادثات غير المباشرة كان أن تلتزم إيران بتخفيف التوترات في المنطقة، لكن المصدرين الأميركيين المطلعين والمسؤول الإسرائيلي قالوا إن المسؤولين الإيرانيين، بدلاً من الالتزام بالإعلان علناً عن خفض التوترات في المنطقة، عرضوا إرسال رسالة ضمنية غير علنيّة إلى الحكومة الأميركية. وتحدث مسؤولون أميركيون عن أنه مع مرور الوقت، تصبح إدارة بايدن قلقة بشأن المواقف المحلية داخل الولايات المتحدة فيما يتعلق بإحياء «الاتفاق النووي». وهو ما يعني أن اتفاقاً على حساب إزالة المؤسسة العسكرية الإيرانية من قائمة الإرهاب سوف يسبب مشاكل داخلية للحكومة. وأمس الأول، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن بلاده وحلفاءها أحرزوا تقدماً في المحادثات النووية مع إيران، مشيراً إلى أنه «لا تزال بعض القضايا العالقة، وليس من الواضح ما إذا كان سيتم حلها».زيارة وتسلح
في هذه الأثناء، قام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أمس بزيارة إلى لبنان قادماً من سورية.وأكد عبداللهيان، الذي تسعى بلاده للتحوط تجاه التحركات الإقليمية الرامية لإعادة ترميم العلاقات العربية مع دمشق وبيروت، استعداد إيران بشكل رسمي لمد جسور التعاون مع لبنان في مختلف المجالات لا سيما الاقتصادية والتجارية منها. وكشف الوزير أنه «منذ شهر تقريباً خلال اللقاء مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في منتدى ميونيخ طرح عليه استعداد إيران للمساهمة في بناء مركزين لتوليد الطاقة في لبنان».إلى ذلك، تسلم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، رسمياً، بالوناً ضخماً جديداً مزوداً بنظام متطور للكشف عن الصواريخ بعيدة المدى و»الكروز» والطائرات المسيرة من وزارة الدفاع.والنظام الدفاعي الجديد قائم على الرادار، المنتشر في شمال إسرائيل، وهو جزء من جهد عام لسلاح الجو الإسرائيلي لتحسين الدفاعات الجوية، بسبب انتشار الطائرات الإيرانية من دون طيار وصواريخ كروز في المنطقة المقابلة التي تخضع لنفوذ «حزب الله» اللبناني.