وبخت الهند وزير خارجية الصين وانغ يي، قبل زيارته المتوقعة، لكن غير المؤكدة، لنيودلهي اليوم، بعدما أثار استياء مضيفيه المحتملين بتصريحات أدلى بها في باكستان هذا الأسبوع حول إقليم كشمير المتنازع عليه.

وساءت العلاقات بين الهند وباكستان، وهما دولتان نوويتان، منذ عامين بعد اشتباكات دامية على الحدود في منطقة لاداخ بكشمير، وسيكون وانغ أول مسؤول صيني رفيع المستوى يزور نيودلهي منذ ذلك الوقت. وقال وانغ، الثلاثاء، خلال حضوره مؤتمرا لمنظمة التعاون الإسلامي في باكستان، إن الصين «تشارك نفس الأمل» مع منظمة التعاون الإسلامي بالنسبة لكشمير، وهي منطقة تسكنها أغلبية مسلمة، وتحكم كل من باكستان والهند جزءا منها، لكن كلا من الدولتين تطالب بها كاملة.

Ad

وتقاتل الهند تمردا مسلحا في كشمير منذ عقود، وتؤيد منظمة التعاون الإسلامي منذ وقت طويل «حق كشمير الثابت في تقرير المصير».

وذكرت وزارة الخارجية الهندية، في بيان صدر في وقت متأخر أمس الأول، «نرفض الإشارة التي لا مبرر لها إلى الهند من جانب وزير الخارجية الصيني وانغ يي»، مضيفة: «الأمور المتعلقة بأراضي اتحاد جامو وكشمير شؤون داخلية هندية بالكامل. الدول الأخرى، ومن بينها الصين، ليس لها الحق قانونا في التعليق عليها. يجب أن تدرك (هذه الدول) أن الهند تمتنع عن إصدار أحكام عامة على قضاياها الداخلية».

إلى ذلك، يرى خبراء أن اتكال الهند على الأسلحة الروسية لحماية حدودها من جاريها الباكستاني والصيني يفسّر "ترددها" في التنديد بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي تحدّث عنه الرئيس الأميركي جو بايدن.

وخلافاً للدول الأعضاء الأخرى في مجموعة "كواد"، التي تضم أيضا أستراليا واليابان والولايات المتحدة، تواصل الهند شراء النفط الروسي، وامتنعت عن التصويت على ثلاثة قرارات أممية تدين هجوم موسكو على أوكرانيا.

وتعتبر نيودلهي موسكو "بلدا صديقا منذ وقت طويل" و"ركيزة أساسية" للسياسة الخارجية الهندية بسبب "الشراكة الاستراتيجية" لأمنها القومي. ولا يتوقّع المحلّلون الهنود أن يتغير موقف الهند تجاه روسيا في أي وقت قريب.

وتنفق الهند مليارات الدولارات سنويا على شراء وصيانة الأسلحة الروسية المنتشرة على طول حدودها المشتركة مع باكستان والصين. ورغم أنها بدأت أخيرا استيراد أسلحة من الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا وإيطاليا، ما زالت 60 إلى 70 في المئة من ترسانتها العسكرية، روسية.

يظهر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري)، أن نسبة الواردات الهندية من روسيا بلغت 46 في المئة بين عامي 2017 و2021.

وأوضح ناندان أونيكريشنان من مؤسسة "أوبزرفر ريسيرتش" للبحوث ومقرها في نيودلهي، أن روسيا "لم تتأثر مطلقا بالضغوط الخارجية، وقدمت لنا الدعم عندما كنا نحتاج إليه من دون تقصير".

وأشار الخبير إلى أن موثوقية روسيا المستمرة منذ عقود طويلة تمثل حجر الزاوية في العلاقات الثنائية منذ شراء نيودلهي مقاتلات ميغ 21 من الاتحاد السوفياتي للمرة الأولى عام 1962.

وتشكلت هذه العلاقات العسكرية وتعززت بعد هزيمة الهند على يد الصين في الحرب الحدودية عام 1962، ثم في الصراع مع باكستان عام 1971 الذي أدى إلى نشوء دولة بنغلادش. وتم توقيع معاهدة صداقة وتعاون هندية- سوفياتية تاريخية عام 1971.

وتساءل الخبير "الحرب في أوكرانيا لا تغير واقع منطقتنا، فلم يجب علينا التفكير في استبدال مورد موثوق به منذ فترة طويلة مع عدم وجود بديل فعلي؟".

وبحسب المعهد الدولي للدراسات الأمنية، تملك الهند حوالي 3500 دبابة قتالية من أصل روسي مصنعة في الهند بموجب ترخيص، وأسطولا من مقاتلات سوخوي وميغ. أما حاملة الطائرات الوحيدة في الهند فهي "الأدميرال غورشكوف" وهي سفينة تم تجديدها تعود إلى الحقبة السوفياتية، و4 من مدمراتها العشر من أصل روسي، وكذلك الامر بالنسبة إلى ثمانية من الغواصات الـ 14 غير العاملة بالطاقة النووية.

ولدى الهند أيضا طلبات روسية كبيرة معلّقة من بينها خصوصا صفقة بقيمة 5 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الجوي "S400" البعيدة المدى، وقد بدأت عمليات التسليم العام الماضي، وأربع فرقاطات وغواصة تعمل بالطاقة النووية.

وقال مانوج جوشي الخبير في السياسة الدولية: "يجعل هذا الاعتماد من الصعب على الهند أن تتبنى موقفا آخر تجاه روسيا".كذلك، فإن توريد الأسلحة ينطوي على التزامات طويلة الأجل تشمل صيانة دورية واستبدال أجزاء كما أوضح جوشي.

والتسلح الروسي رخيص نسبيا أيضا. كذلك، فإن الدول الغربية مترددة أكثر من موسكو في نقل التكنولوجيا للسماح بصنع أسلحة في الهند، وفق الخبراء.

وتتعاون الهند وروسيا أيضا في مجال الدفاع، على سبيل المثال في صنع صواريخ براهموس كروز التي أطلقت الهند أحدها على باكستان هذا الشهر عرضا.