الحُفَر (جمع حفرة) تُعد معلماً مهماً في كويت الماضي، وأدت دوراً حيوياً في فرجان مدينة الكويت القديمة. وتحمل الحُفَر، التي تحوَّل بعضها إلى براحات، اسم مَنْ حفرها من الأشخاص أو العائلات، وأحياناً لا يكون لها اسم، بل يكون لها وصف معيَّن.

وتنتشر الحُفَر بين المنازل في شرق ووسط وغرب مدينة الكويت، بل وفي المرقاب أيضاً، لكنني لم أسمع أن هناك حفرة واحدة في حي الصالحية.

Ad

لنبدأ أولاً بتعريف الحفرة، فأقول إن الحفرة هي الموقع الذي يؤخذ منه "الطين الأبيض"، ويُشكَّل بطريقة معينة، ليصبح مثل الأسمنت، كمادة لاحمة بين الصخور في بناء الحوائط الخارجية للمنازل والمباني قديماً، أو عمل فناء (حوش) داخل البيت. ورغم أن الكثير من المباني القديمة الطينية استخدم أهل الكويت فيها طين البحر أيضاً، فإن العديد من المباني أيضاً كان الطين المستخدم فيها هو الطين الأبيض.

ونظراً لأن حَفْر الأرض وأخذ الطين منها يؤدي إلى تكوين حفرة في الموقع تتسع مع مرور الأيام، ويزيد عمقها مع زيادة الحفر، لذلك فقد أصبحت هذه الحُفَر موقعاً لتجمع مياه الأمطار عند هطولها، وأفاد هذا الأمر الناس كثيراً في الماضي، وحمى منازلهم من مياه الأمطار.

قال لي العم إبراهيم فريج الفريج (مواليد عام 1930) منذ سنوات عديدة في لقاء تلفزيوني مسجَّل إن والده فريج علي الفريج اختار موقعاً في المرقاب لبناء منزل له في فترة ثلاثينيات القرن الماضي، واستخدم الطين القريب من الموقع لبناء طوفة (أو سور) البيت، وكانت هذه بداية حفرة "فريج" المشهورة في المرقاب.

وقال أيضاً إن حفرة فريج كانت مساحتها حوالي 750 متراً، وعمقها ثلاثة أمتار، وتم دفنها في عام 1966م.

كما أخبرني العم زيد حمد الفلاح منذ فترة طويلة، بأن براحة الفلاح كانت حفرة كبيرة قبل ردمها في الثلاثينيات، تلبية لرغبة إدارة البلدية وأهل الفريج بدفنها. وأخبرني العم زيد بأن أسرة الخالد الكريمة، التي دفعت تكاليف الدفن في ذلك الوقت، حصلت على تعويض من الدولة في فترة الستينيات عن تكاليف الدفن، وليس عن الملكية.

ومن الحُفَر المشهورة قديماً؛ حفرة العبكل، والنامي، والماص، والعمر، ودغيم، والطبيخ، والسبت، وتيفوني، وحبيب أو حبيبوه، وبوطيبان وغيرها الكثير.

في مقالنا المقبل، سأتحدث بشيء من التفصيل عن حفرة النامي، التي تقع في الحي القبلي من مدينة الكويت القديمة.

● باسم اللوغاني