أخفق البرلمان العراقي مرة أخرى اليوم السبت في انتخاب رئيس للبلاد بعد أن قاطعت جماعات مدعومة من إيران الجلسة في انتكاسة لتحالف كان قد فاز في الانتخابات بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر وهدد بإبعاد تلك الجماعات عن السياسة.

وكان الصدر يأمل في أن ينتخب البرلمان ريبار أحمد مسؤول المخابرات الكردي المخضرم ووزير الداخلية الحالي في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي.

Ad

ولكن 202 نائباً فقط من أصل 329 كانوا حاضرين وهو ما يقل عن نصاب الثلثين المطلوب لاختيار شخص جديد يتولى هذا المنصب الشرفي إلى حد كبير بينما قاطع 126 نائباً الجلسة.

وقال فرهاد علاء الدين رئيس المجلس الاستشاري العراقي، وهو معهد لأبحاث السياسة، إن الأمر يبدو كزوبعة في فنجان وإن اليوم يُعد دليلاً آخر على أن الحزب الذي زعم أن لديه الأغلبية فشل في تحقيق ذلك، إنه وضع سيء يتفاقم.

وسيمثل فوز حلفاء الصدر تهديداً باستبعاد حلفاء طهران من السلطة لأول مرة منذ سنوات.

ويطيل التأجيل أمد جمود مرير في السياسة العراقية بعد أشهر من الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر والتي كان الصدر الفائز الأكبر فيها مع تكبد منافسيه الشيعة المؤيدين لإيران هزيمة ساحقة.

وتم تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية إلى الأربعاء، وستستمر حكومة تصريف الأعمال الحالية في إدارة البلاد حتى يتم تشكيل حكومة جديدة.

وتعهد رجل الدين الشيعي، الصدر، بتشكيل حكومة تستبعد حلفاء إيران الرئيسيين الذين يسيطرون على الدولة منذ فترة طويلة وهو خط أحمر لتلك الأحزاب والفصائل المسلحة وستصبح أول مرة لن يكون لها فيها منصب وزاري منذ 2003.

وتنظر الجماعات المتحالفة مع إيران إلى الأشخاص الذين ترشحوا للرئاسة في الأشهر التي أعقبت الانتخابات على أنهم يميلون للغرب ويشكلون تهديداً لمصالحها.

وفشلت محاولة لأن يتولى هذا المنصب السياسي الكردي هوشيار زيباري، وزير الخارجية السابق، عندما حظرت المحكمة العليا في العراق الشهر الماضي ترشيحه بسبب ظهور اتهامات مزعومة بالفساد.

وينفي زيباري الذي يدعمه الصدر وحلفاؤه الاتهامات.

جمود سياسي

بموجب نظام لاقتسام السلطة بهدف تفادي حدوث صراع يتولى كردي رئاسة الدولة وشيعي رئاسة مجلس الوزراء وسني رئاسة البرلمان.

ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بصدام حسين كان اختيار الرئيس ورئيس الوزراء بعد كل انتخابات عملية طويلة وبطيئة يعوقها الجمود السياسي.

وعادة ما كان للجماعات المتحالفة مع إيران طريقها، وذلك باستخدام دورها في هزيمة تنظيم داعش في عام 2017 لدفع الزعماء إلى مقاعد برلمانية في انتخابات العام التالي.

ويعارض الصدر كل النفوذ الأجنبي في العراق، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران، وزاد سلطته السياسية في السنوات الأخيرة لكن لا يزال يتعين عليه مواجهة خصومه الشيعة.

وتعهد الصدر بإقرار ما يصفه بحكومة «الأغلبية الوطنية»، وهو تعبير ملطف لحكومة تستبعد الجماعات الموالية لإيران، وتحتفظ هذه الجماعات بفصائل قوية ومدججة بالسلاح وتسيطر على كثير من مؤسسات الدولة.

وتحالفت الكتلة الصدرية التي يتزعمها الصدر مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف سني لتشكيل أغلبية برلمانية.

ويعتبر معظم العراقيين كل الجماعات المشاركة في حكم البلاد فاسدة.

ويتراكم الغضب منذ سنوات من النخبة السياسية التي يهيمن عليها الشيعة والتي ظهرت بعد غزو عام 2003.

وانفجر هذا الغضب في شكل مظاهرات حاشدة عام 2019 قتلت خلالها قوات الأمن الحكومية ومسلحون متحالفون مع إيران مئات المتظاهرين.

ويخشى مسؤولون ومحللون من تحول مواجهة الصدر المتصاعدة مع الجماعات المتحالفة مع إيران إلى أعمال عنف.