إلغاء ضمان الودائع بات أولوية
● عدم قدرة أي سيناريو ضغط أن يتنبأ بوضع الاستقرار المالي الكلي
ذكر تقرير الشال انه "في لقاء إعلامي، كرر محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل إشادته بأوضاع القطاع المصرفي، وكانت إشادة صحيحة، ولعلها مناسبة لتقديم الشكر للمحافظ ونائب المحافظ لبنك الكويت المركزي، والاثنان للأسف على وشك ترك منصبيهما، وتلك خسارة كبيرة للبلد".وفي استعراض الأرقام، يذكر المحافظ أن ميزانية القطاع بلغت أعلى مستوياتها التاريخية عند 91 مليار دينار، وصافي أرباح البنوك عن عام 2021 قارب مستويات ما قبل الجائحة وبلغ 961 مليونا، وكانت نحو 1.02 مليار في عام 2019، وتحوطات البنك المركزي إبان الجائحة لعام 2020، أدت إلى انخفاض القروض غير المنتظمة من 2% في ذلك العام إلى مستوى قياسي أدنى عند 1.4% في عام 2021 مع معدل تغطية لها بلغ 310%، وذلك مؤشر على جودة الأصول ووفرة المخصصات، التي ساهمت بشطب بعضها.
ووفقاً لتصريح المحافظ، لم يكن ذلك الأداء مقروناً بأخذ مخاطر عالية، أي عائد أعلى بمخاطر أعلى وفق المفهوم المالي، وإنما جاء مع استمرار التحوط والحفاظ على سلامة ومتانة أوضاع القطاع، وبلغ معدل كفاية رأس المال 19.2% وهو أعلى بكثير من المتطلبات العالمية الدنيا له والبالغة 10.5%، والواقع أنه أعلى أكثر مما يجب وربما مؤشر على ضيق سوق الاقتراض والاستثمار المحلي، وبلغ معيار تغطية السيولة 183%، وبلغ صافي التمويل المستقر 111%، وكلاهما أعلى من المتطلبات الدنيا لهما البالغة 100%.ومن أجل التحوط للمستقبل، أخضع البنك المركزي القطاع لاختبارات ضغط خاصة بأوضاعه وأخرى خاصة بالاقتصاد الكلي، للسنوات الثلاث 2022 – 2024، وخلص إلى نتيجة أنه حتى مع أصعب الظروف، أي تبني سيناريوهات متشددة، سوف يحافظ القطاع المصرفي على مستوى كفاية رأسمالية بحدود 12.6%. خلاصة القول، هو ماض، اعتمدت فيه سياسات استباقية متشددة في زمن أزمة، ثم حاضر أفاد فيه القطاع من استعادة مخصصات التشدد التي ساهمت في شطب قروضه المتعثرة ودعم مستوى ربحيته، ثم مستقبل محسوب ووفق أشد سيناريوهات الضغط، وتلك عناصر الإدارة الحصيفة من بنك مركزي محترف، وقطاع مصرفي متفهم.ولنا ثلاث ملاحظات سبق لنا ذكرها، ولا بأس من تكرارها، الأولى هي أن الإدارة الجديدة القادمة لبنك الكويت المركزي سوف تتسلم مسؤولية الرقابة على قطاع في وضع صحي رغم الظروف العامة الصعبة، ونعتقد أن أمر إلغاء ضمان الودائع بات أولوية. الثانية، هي أن نمو الائتمان المصرفي مرتفع، وعند مستوى 8% وبنحو 4.1 مليار دينار، وهو أمر من الناحية الكمية مشجع، ولكن في المحتوى أو نوعية الائتمان، نحو نصفه قروض استهلاكية ومقسطة وتنمو بمعدل نحو ضعف ما عداها في بلد لا ينتج سلعا وخدمات، وذلك غير نافع تنموياً، وربما ضار وخطر. والثالثة هي عدم قدرة أي سيناريو ضغط أن يتنبأ بوضع الاستقرار المالي الكلي، فالإدارة العامة الاقتصادية والمالية للبلد مدمرة، ولا أحد يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن تتصرف، وما تتبناه سابقاً وحالياً مناقض تماماً لاستدامة المالية العامة والاقتصاد.باختصار، نكرر الشكر لإدارة بنك الكويت المركزي الحالية، وفقدانها خسارة كبيرة، ونأمل أن توفق الإدارة الجديدة في الأداء على نفس المستوى، ونأسف من واقع فقدان الاحترافية والحس الوطني على مستوى الإدارة العامة للبلد، وبسببها قد يفقد البلد كل مؤسساته المهنية، فالبيئة العامة طاردة للكفاءات.