في الصميم: مرتزقة العرب
قد نفهم أن هناك مرتزقة أجانب يحاربون في دول أخرى، ولكن غير المفهوم والمخزي أن يحارب مرتزقة عرب ضد أشقاء لهم فينكلون بهم ويهرقون دماءهم، رغم أن بلدانهم هي أصلا واقعة تحت الاحتلال أو الهيمنة الأجنبية، فالمرتزقة في بلادنا أصبحوا عربا، ويقاتلون عربا مثلهم.
المُرتزِق يطلق على كل شخص يقوم بعمل غير قانوني وغير أخلاقي بمقابل مادي، بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه، استخدمهم الفرس واليونانيون والرومان ليحاربوا بهم أعداءهم، وشاع استخدامهم خلال الفترة من القرن الثاني عشر حتى القرن السادس عشر الميلاديين من كثير من الحكام آنذاك كجنود محترفين لحماية إماراتهم وممالكهم، واستخدم الإنكليز مرتزقة ألماناً لكبح جماح الثورة الأميركية ضدهم، في المقابل استعان الثوار الأميركيون بمرتزقة من بولندا وبروسيا وغيرهما.منطقتنا هي الأخرى عانت قديما الأمرّين من المرتزقة إبان الاحتلالين الفارسي والتركي لأجزاء من بلاد العرب، فاستغلوهم لتصفية الحسابات بينهما، أي حرفيا قاتلوا بعضهم بعضاً بمرتزقة العرب، أما الدول الاستعمارية الغربية فقد استعانت كل منها بالمرتزقة العرب والأجانب، فجندتهم كمخبرين وجواسيس ضد بني جلدتهم، وتسبب ذلك باستشهاد مئات الآلاف من المناضلين العرب.هذا السيناريو يتكرر ولكن تجنيد المرتزقة الآن يتم تحت عدة شعارات دينية، بعضها متناقض إلى حد لا يمكن تصوره، فهذا ما تفعله إيران ومرتزقتها بدولنا العربية، فهم يقاتلون ويقتلون العرب بمرتزقتهم كما في العراق وسورية ولبنان واليمن، فالحوثيون، وما يسمون بالحشود الشعبية، وحزب الشيطان اللبناني والعراقي، والقاعدة وداعش ما هم إلا مرتزقة كل يتخفى تحت رداءه الديني الخاص به.
قد نفهم أن هناك مرتزقة أجانب يحاربون في دول أخرى، ولكن غير المفهوم والمخزي أن يحارب مرتزقة عرب ضد أشقاء لهم فينكلون بهم ويهرقون دماءهم، رغم أن بلدانهم هي أصلا واقعة تحت الاحتلال أو الهيمنة الأجنبية، فالمرتزقة في بلادنا أصبحوا عربا، ويقاتلون عربا مثلهم. هؤلاء المرتزقة العرب بدلا من أن يحاربوا لتحرير بلادهم، فقد بدأوا الآن يقاتلون في بلاد أجنبية، فالمخابرات الروسية أعلنت أن الغرب يستعين بمقاتلين من منطقة الشرق الأوسط في أوكرانيا، أما صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية فنشرت هي الأخرى أن الروس يستعينون بمقاتلين من سورية في أوكرانيا، وعندما يتساءل المرء لماذا من منطقة الشرق الأوسط، أي لماذا عرب، فالحرب في أوكرانيا، ولا علاقة لها بالعقيدة ولا بالإسلام؟ فماذا عسى أن يكون الدافع غير الارتزاق؟