جناية الفتاوى الدينية على المسلمين
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
يهدف المؤلف من عرض هذه الفتاوى إلى بيان مدى أثر هذه الفتاوى في زرع الكراهية المذهبية والدينية بين المكونات المجتمعية للدولة السعودية، ونشر تهم التكفير على مستوى العالم الإسلامي، ويؤكد الباحث من واقع هذه الفتاوى التكفيرية أنها هي أصل (الغلو) في تكفير المسلمين مجتمعات وحكومات بحجة أنها تحكم بـالتشريعات الوضعية، أي بغير ما أنزل الله، ومن ثم على سكانها الهجرة إلى السعودية التي تحكم بالإسلام. أتصور أن اللجنة الدائمة سبقت سيد قطب والقاعدة وداعش والتنظيمات المتطرفة في تكفير المسلمين، وإذ لا حد لغلو اللجنة في فتاواها فإنها أفتت بتحريم التجنس بجنسية الدول الأخرى، وفتح المدارس الأجنبية، وتحريم الاحتفال بالمناسبات الإسلامية كالإسراء والمعراج والمولد النبوي والهجرة واليوم الوطني وعيد الأم.أما تحية العلم فهي شرك، وحتى الصور في الكتب المدرسية محرمة ولو لغرض تعليمي، كذلك لعب الورق، ومشاهدة المباريات الرياضية كونها تكشف الفخذ وهو عورة، وتشدد اللجنة على أنه لا يجوز تأجير العقارات للمدارس الأجنبية أو البنوك، وكذلك المحلات للحلاقة أو التصوير أو بيع الدخان. وإن تعجب فاعجب من فتوى اللجنة المطولة بتحريم مشاهدة المسلسل التلفزيوني «طاش ما طاش»، لأنها تتضمن السخرية بأهل الخير، ووضع لحى مصطنعة، وتقليد لهجات البلدان! أما على مستوى الفتاوى الفردية، فقد ذهب المفتي العام الأسبق الشيخ ابن إبراهيم إلى أن أكثر المسلمين كفار، هم مسلمون اسماً وكفار حقيقة، وكذلك البلاد التي يحكم فيها بالقانون ليست بلاد إسلام! وكان يرى المذاهب الأخرى مبتدعة وضالة، أما الشيخ جبرين فقد أفتى بتحريم إهداء الزهور لأنه تقليد للكفار، وحرمة قَص الشريط عند افتتاح المشاريع كونه بدعة، وحرمة التحية العسكرية، وذهب الشيخ ابن عثيمين إلى تحريم تعلم اللغة الإنكليزية لأنه يورث محبة لغة الكفار ومحبتهم، وذلك مخالف لعقيدة «الولاء والبراء»، والأب الذي يسمح لابنه بتعلم الإنكليزية آثم سوف يحاسب عليه يوم القيامة! على أن أخطر فتوى تكفيرية روجتها اللجنة الدائمة «من لم يكفر الكافر فهو كافر»، وبها تم تكفير كل علماء المسلمين المخالفين لها.الدولة السعودية اليوم: السعودية دول ومراحل، والسعودية اليوم غيرها في الأمس، تلك الفتاوى التكفيرية مثلت مرحلة مضت وانقضت لها ما لها وعليها ما عليها، تغيرت السعودية تغيراً شاملاً في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية والدينية، ونحن اليوم في عهد الدولة السعودية الرابعة، دولة منفتحة على مكوناتها المجتمعية المذهبية والإثنية والمناطقية، تتبنى القيم الحضارية، ولا مكان فيها اليوم لفتاوى الكراهية والتكفير والتهميش سواء لمكون مجتمعي داخلي أو للمجتمعات الأخرى كما جاء على لسان ولي عهدها.ومع أن السعودية فيما مضى لم تكن تتدخل للتأثير على المؤسسة الدينية مراعاة لاستقلاليتها إلا أن تلك الفتاوى لم يكن لها أي اعتبار في سياستها الخارجية بالدول الأخرى. *كاتب قطري