تشهد العلاقات بين الهند وباكستان توترات من حين لآخر، وسط أعمال العنف الطائفية بين المسلمين والهندوس، ودخول البلدين في عدة حروب ونزاعات ومواجهات عسكرية.

وتقول سيتارا نور، الباحثة البارزة في مركز دراسات الفضاء والأمن بإسلام آباد، إنه في 10 مارس 2022، عقد المدير العام لمكتب العلاقات العامة المشترك للقوات المسلحة الباكستانية، مؤتمرا صحافيا وأعلن أنه في اليوم السابق، قطع صاروخ سوبرسونيك (أسرع من الصوت)، مصدره الهند، مسافة 124 كيلومترا على ارتفاع 40 ألف قدم في المجال الجوي الباكستاني، وتحطم بالقرب من مدينة ميان تشانو، بمنطقة خانيوال الباكستانية.

Ad

وبعد يومين، أكدت وزارة الدفاع الهندية رسميا الحادث، مشيرة إلى أن صاروخا أطلق «عن طريق الخطأ» أثناء الصيانة الروتينية، وشدد بيان للوزارة على أن الحكومة اتخذت وجهة نظر جادة في هذه المسألة، وأمرت بتشكيل فريق رفيع المستوى للتحقيق في الحادث.

وتقول نور إنه في حين أن التفاصيل المحددة للحادث ستظهر على السطح بعد تحليل وتحقيق شاملين، فإن أنباء إطلاق الهند «عن طريق الخطأ» صاروخ كروز «سوبرسونيك» على باكستان، خصمها المسلح نوويا، صدمت العديد من صانعي السياسة الذين يدركون العواقب المحتملة لمثل هذا الحادث. ولقي رد باكستان الفوري إشادة باعتباره «مسؤولا»، ومع ذلك، طالبت إسلام آباد بإجراء تحقيق مشترك، لأنه كان يمكن أن يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة.

وتضيف أنه أولا وقبل كل شيء، فإن توقيت التحطم مثير للريبة، إذ جاء بعد أسبوع واحد من اكتشاف البحرية الباكستانية غواصة تابعة للبحرية الهندية في منطقتها الاقتصادية الخالصة، ما أثار مخاوف جدية بشأن نوايا القيادة العسكرية الهندية، ومن الإنصاف القول إنه لا يوجد نظام موثوق به بنسبة 100 في المئة، وقد تقع الحوادث لأسباب غير متوقعة، لكن تعامل الحكومة الهندية بشكل عام كان «غير مسؤول».

والواقع أن حقيقة أن السلطات الهندية لم تستخدم خيار التدمير الذاتي بعد الإطلاق «العرضي»، ولم تكلف نفسها حتى عناء إبلاغ الجانب الباكستاني على الفور، أثارت تساؤلات حول نظام القيادة والسيطرة الهندي، وثقافتها الاستراتيجية.

ولم يعرض البيان الرسمي للهند أي معلومات حول نوع الصاروخ، لكن المعلومات المتاحة تتطابق مع خواص رحلة صاروخ براهموس كروز أرض - أرض الهندي المصنف تقليدي، لكنه قادر عمليا على حمل رؤوس نووية.

وبغض النظر عن التصنيف المعلن، من المرجح أن يفسر أي صاروخ قادم على أنه نووي في بيئة أمنية مشحونة، لأنه من المستحيل تمييز رأس الصاروخ، وكان بإمكان باكستان أن تنظر إلى هذا الصاروخ على أنه ضربة استباقية من نيودلهي، خاصة في ضوء العلاقات الثنائية الحالية.

ووفقا للتقارير الأولية، أطلق الصاروخ من قاعدة جوية تابعة للقيادة الجوية الغربية في منطقة سيرسا بولاية هاريانا، وتم اكتشافه على ارتفاع 40 ألف قدم، مما يشير إلى أنه ربما جرى إطلاقه من الجو، وتثير طبيعة الحادث القلق إزاء الادعاء بحدوث إطلاق عرضي أثناء الصيانة، وتلمح إلى احتمال «الرضا عن الذات» أو الانتهاكات الجسيمة لبروتوكولات السلامة من جانب السلطات المعنية.

كما شكل إطلاق الصاروخ تهديدا خطيرا للطيران المدني، حيث كانت العديد من الرحلات التجارية، مثل رحلات تابعة لقطر والخطوط الجوية السعودية، تحلق على هذا المسار، وكان بإمكان الحكومة الهندية إصدار «إشعار للطيارين» بشكل طارئ للطائرات القادمة لتجنب كارثة جوية محتملة.

كما يضع الحادث علامة استفهام حول قوة ونطاق تدابير بناء الثقة القائمة بين الهند وباكستان، وتم إبرام اتفاقية الخط الساخن لعام 2004 لهذا الغرض بالذات، للإبلاغ بأي حالة طوارئ قد تؤدي إلى أي أزمة غير مقصودة، لكن هذا الإجراء الضروري لم تتخذه الهند.

وبغض النظر عما إذا كان إطلاق الصاروخ عرضيا أو متعمدا، فإن هذا الحادث هو تذكير صارخ بأن جنوب آسيا لا تزال بؤرة اشتعال نووية.