في خضم الحملة الكلامية الشعواء المندلعة بين البيت الأبيض و"الكرملين"، والتي فسّرها البعض بأنها تحوّل جذري في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، أبدى نحو نصف الأوكرانيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و55 عاما استعدادهم للمشاركة بشكل مباشر في القتال ضد الغزو الروسي، وفق استطلاع أجراه عدد من الباحثين الأوروبيين نشره معهد "أوسلو" لأبحاث السلام (بريو) بدعم من شركة "انفو سابيانس".

وتصل النسبة في صفوف الرجال إلى نحو 70 في المئة، بينما تناهز 30 في المئة لدى النساء، وتجاوزت العيّنة التمثيلية في الاستطلاع ألف أوكراني، اعتُبر أن سنّهم يخولهم المشاركة في المقاومة، وقد أجري رغم العوائق التي تفرضها الحرب.

Ad

وفي تطور سياسي أعلن زعيم منطقة لوغانسك الانفصالية، ليونيد باسيشنك، أمس، أن منطقته قد تنظّم استفتاء في المستقبل القريب على الانضمام إلى روسيا، مؤكدا أن "الناس سيعبّرون خلاله عن رأيهم، وأنا متأكّد من أن هذا ما ستكون عليه الحال".

وقبل أيام من إطلاق روسيا عمليتها في أوكرانيا بهدف الدفاع عن "جمهوريتَي" دونيتسك ولوغانسك المعلَنتين من جانب واحد في الشرق، اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال المنطقتين.

ولم تعد المنطقتان الصناعيتان، حيث تعد الروسية اللغة الرئيسية، خاضعتين لسيطرة كييف عام 2014، وأسفرت المعارك التي تواصلت على مدى السنوات التالية عن مقتل أكثر من 14 ألف شخص.

وفي العام ذاته، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم، بعدما أطاحت انتفاضة شعبية الرئيس الموالي لموسكو، وجرى استفتاء في المنطقة الواقعة بجنوب البلاد لتصبح جزءاً من روسيا.

واعترض رئيس لجنة شؤون رابطة الدول المستقلة بمجلس الدوما، ليونيد كلاشنكوف، على التعجيل بإجراء استفتاء على انضمام أي من دونيتسك ولوهانسك لروسيا، لأنه سيصبح أمراً غير مستحسن من حيث المبدأ، مشيراً إلى أنهما كانتا حتى وقت قريب جزءا من أوكرانيا، حتى ولو كان ذلك على أساس اتفاقيات مينسك، إلا أن معالجة الأمر بهذه الكيفية سيكون فيها تعجل".

وأشار إلى أن جمهوريات أخرى مثل أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اللتين تعترف بهما روسيا كدولتين مستقلتين، لم تتخذ مثل هذه القرارات، مبينة أن "عدداً كبيراً من سكان الجمهوريتين لا يوجدون بهما حاليا، بسبب عمليات الإجلاء".

تقسيم أوكرانيا

ومع دخول الغزو يومه الثاني والثلاثين، اتهم رئيس المخابرات كيريلو بودانوف روسيا، أمس، بمحاولة إقامة كوريّتين شمالية وجنوبية بأوكرانيا، لإنشاء منطقة تسيطر عليها بعد فشلها في السيطرة على الدولة بأكملها، مشيراً إلى أن القوات الأوكرانية ستشن قريباً حرب عصابات في الأراضي المحتلة من روسيا.

وأعلن وزير الخارجية، دميترو كوليبا، بعد لقائه بايدن، أن واشنطن أكدت لكييف أنها "لا تعارض" تسليمها مقاتلات بولندية، معتبراً أن "الكرة الآن في ملعبها".

وأضاف: "سندرس هذه المسألة بشكل أكثر تفصيلاً في محادثاتنا مع زملائنا البولنديين للاستماع إلى موقفهم، ولأكون واضحاً، أوكرانيا في حاجة ماسة إلى المزيد من المقاتلات لإيجاد توازن في الأجواء، ومنع الروس من ارتكاب مزيد من جرائم حرب وإلقاء مزيد من القنابل على مدننا وقتل عدد أكبر من المدنيين".

دبابات وطائرات

وإلى ذلك، حثّ الرئيس فولوديمير زيلينسكي الغرب على منحه دبابات وطائرات وصواريخ لصدّ القوات الروسية، التي قالت حكومته إنها تستهدف مستودعات الوقود والغذاء.

وطالب زيلينسكي، بمؤتمر عبر الفيديو مع نظيره البولندي أندريه دودا، أمس الأول، الدول الغربية بتقديم معدات عسكرية من مخزوناتها التي "علاها الغبار" مبيناً أن أوكرانيا لا تحتاج أكثر من واحد في المئة فقط من طائرات حلف شمال الأطلسي، وواحد في المئة من دباباته.

وقال زيلينسكي: "لقد انتظرنا بالفعل 31 يوماً من المسؤول عن المجتمع الأوروبي الأطلسي؟ هل ما زالت موسكو حقا بسبب الترهيب؟" مضيفاً أن الزعماء الغربيين يحجمون عن تقديم دعم لأنهم خائفون من روسيا.

وحذّر زيلينسكي من أنه إذا لم يتم تزويد قواته بمقاتلات ودبابات، فإن القوات الروسية سوف تمثّل بعد ذلك تهديدا لدول حلف شمال الأطلسي (ناتو) المجاورة.

وأكد مستشار وزارة الداخلية فاديم دينيسنكو، أمس، إن روسيا بدأت في تدمير مخازن الوقود والأغذية الأوكرانية، مما يعني أن الحكومة ستضطر إلى وضع هذه المخزونات في أماكن متفرقة بالمستقبل القريب.

فشل إستراتيجي

وبعد انتهاجه موقفا أكثر حدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام جولة استمرت 3 أيام في أوروبا بدعوته المرتجلة لعدم بقائه في السلطة"، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء أمس الأول، القوات الروسية من "التقدم إنشًا واحدًا داخل أراضي حلف شمال الأطلسي"، واصفًا النزاع في أوكرانيا بأنه "فشل استراتيجي" لروسيا. وخلال خطاب في وارسو، وصف بايدن مقاومة أوكرانيا للقوات الروسية بأنها جزء من "معركة عظيمة من أجل الحرية"، داعيًا العالم إلى الاستعداد "لمعركة طويلة".

ورغم توضيح البيت الأبيض أن بايدن لم يدعُ إلى "تغيير النظام" في روسيا، أكد المتحدث باسم "الكرملين"، دميتري بيسكوف، أن "على أيّ رئيس دولة أن يبقى حذرًا، كلّ مرة، تضيّق الإهانات الشخصية من هذا النوع نطاق علاقاتنا الثنائية مع الإدارة الأميركية الحالية".

وقال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية لتغيير النظام في روسيا، ومصير الرئيس بوتين "متروك للشعب الروسي"، مبيناً أن وجهة نظر بايدن تتمثل في أنه "لا يمكن تمكين بوتين من شنّ حرب أو الانخراط في عدوان على أوكرانيا، أو أيّ طرف آخر".

ماكرون يحذّر

وغداة وصف بايدن لبوتين بأنه "جزّار"، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس من "تصعيد الكلام والأفعال في أوكرانيا"، مؤكدا أنه "لن يستخدم هذا النوع من الكلام، لأنه لا يزال على تواصل مع الرئيس بوتين".

وقال ماكرون في تصريحات: "نريد وقف الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا من دون الدخول في حرب. هذا هو الهدف، وإذا أردنا القيام بذلك، فيجب ألّا نُصعّد لا الكلام ولا الأفعال"، لافتاً إلى أنه سيتحدث مع بوتين اليوم أو غدا لتنظيم عملية إجلاء لسكان مدينة ماريوبول المحاصرة، التي شهدت مقتل أكثر من ألفي مدني.

ووفق رئيس مجلس العلاقات الخارجية، الدبلوماسي الأميركي المخضرم، ريتشارد هاس، فإن التعليقات تجعل "الوضع الخطير أكثر خطورة". وكتب على "تويتر": "أقترح أن يتواصل كبار مساعديه مع نظرائهم، وأن يوضحوا أنه مستعد للتعامل مع هذه (الحكومة) الروسية".

خسائر جسيمة

وفي ظل حرب المعلومات الشديدة والصعوبات الكبرى في التثبت مما يجري على الأرض، أعلنت رئاسة أركان الجيش الأوكراني، أمس الأول "إلحاق خسائر جسيمة بالمحتل الروسي" في مدينتي دونيتسك ولوغانسك، الأكبر في دونباس، منها 3 طائرات وتدمير 8 دبابات، ومقتل نحو 170 جنديا من روسيا.

من جهتها، أفادت وزارة الدفاع الروسية عن معركة للسيطرة على قريتي نوفوباخموتيفكا ونوفوميخايليفكا قرب دونيتسك، مبينة أن صواريخ من طراز كاليبر دمرت مستودع أسلحة وذخائر في منطقة جيتومير غرب كييف في 25 مارس، كما أصيب مستودع وقود قرب مدينة ميكولاييف.

ويخيّم غموض على مصير جنرالات روس قتلوا في أوكرانيا وعددهم 7 بحسب كييف، وآخرهم ياكوف ريزانتسيف، وفق مسؤولين غربيين طلبوا عدم كشف أسمائهم، فيما أقرت موسكو بمقتل جنرال واحد.

كما ذكرت المصادر أن جنرالا آخر، هو فلاديسلاف يرشوف، أقيل من مهامه بقرار من "الكرملين" بسبب الخسائر الفادحة في صفوف القوات الروسية، في وقت تحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن "حملة تطهير" على ارتباط بالخسائر الروسية. لكنّ هذه المسألة أيضا تبقى غامضة.

9 أسلحة تحولت لأيقونات حرب بأوكرانيا

قالت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية، إن عدة أسلحة أثبتت جدارتها بعد شهر من القتال في أوكرانيا بوصفها أدوات أساسية للجانبين الروسي والأوكراني، حتى غدت أهدافا يجب إسقاطها أولا وأيقونات لهذه الحرب، وحددت 9 أسلحة، واستعرضت كلا منها على حدة وهي كالتالي:

• القاذفة التكتيكية سوخوي 34

وهي مكافئة لطائرة F15 الأميركية، وتستخدم أسلحة حديثة مثل القنابل الموجهة بالأقمار الصناعية، علما بأن روسيا قد تكون لديها 100 منها.

• المقاتلة ميغ 29

وهي خامس أكثر الطائرات المقاتلة استخداما في العالم، وتتمتع بقدرة جيدة على المناورة، لكنها مصممة لمهام قتالية قصيرة المدى فقط لصغر خزان وقودها.

• المروحية الهجومية إم آي- 24

وهي مروحية هجومية قادرة على حمل 8 جنود، ومزودة بقذائف وصواريخ مضادة للدبابات.

• صواريخ فرط صوتية

صاروخ كنجال فرط الصوتي الذي أعلنت موسكو استخدامه يمكن أن يحمل رأسا نوويا.

• قاذفة الصواريخ «تي أو إس 1»

صاروخ كاتيوشا حراري الذي يقوم برش رذاذ متفجر بالقرب من الأرض، يمتص ويحرق الأكسجين المحيط ليحدث انفجارا أقوى من القنبلة التقليدية، ويستلزم تركيبه على هيكل دبابة من طراز «تي 72».

• الطائرة المسيرة «بيرقدار»

تم استخدام المسيرة التركية بيرقدار مؤخرا في كاراباخ من جانب القوات الأذرية، وهي تكلف حوالي 5 ملايين دولار، ويمكن أن تطير مدة 27 ساعة بسرعة حوالي 222 كيلومترا في الساعة، وقد دمرت هذه المسيّرة التي يستخدمها الأوكرانيون العديد من المركبات الروسية، وساهمت بشكل كبير في إبطاء تقدم الجيش الروسي.

• صواريخ جافلين وستينغر وإنلو

صواريخ ستنيغر فعالة للغاية كمضادة للطائرات، وقد استخدمها الأفغان بشكل فعال ضد روسيا أثناء الحرب في أفغانستان بين 1979 و1989 التي انتهت بهزيمة سوفياتية ثقيلة، وهي صواريخ قوية للغاية، خاصة ضد الطائرات المروحية.

صواريخ جافلين وإنلو أيضا فعالة جدا ضد الدبابات، وقد أثبتت ذلك في حرب الخليج الثانية، بحيث يستهدف الصاروخ الأجزاء العلوية من المركبة المدرعة الأكثر عرضة للخطر.

• الدبابة «تي- 72»

دبابات تي- 72 الضحية الرئيسية للهجمات المضادة الأوكرانية، مع أنها قادرة على اختراق خطوط العدو ودعم المشاة وتحديد الأهداف وتدميرها بسرعة وهي دبابة بسيطة وموثوق بها.

• مركبة النقل «إم تي- إل بي»

مركبة مشاة قتالية تستطيع حمل 11 جنديا والمشاركة في القتال، إلا أن درعها الضعيفة نسبيا تجعلها عرضة للدبابات.