يترقّب العراقيون جلسة مجلس النواب غدا، المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد فشل محاولتين سابقتين، في مؤشر على الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد بعد انتخابات أكتوبر الماضي.

وكانت قوى "الإطار التنسيقي"، التي تضم غالبية القوى الشيعية باستثناء "التيار الصدري"، الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات، قد تمكّنت من إفشال الجلسة السابقة عبر "الثلث الضامن" أو "الثلث المعطل" للحيلولة دون تمكّن التحالف الذي يجمع مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري) مع الحزب "الديموقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني وتحالف الأحزاب السنية ممثلا برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، من الإتيان برئيس جديد للجمهورية، وهو الأمر الذي سيعّد تثبيتاً للغالبية النيابية الجديدة.

Ad

وفي وقت لوّح القيادي في "التيار الصدري"، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، بإعلان حكومة طوارئ في حال فشلت جلسة اليوم في الانعقاد، عاد التوتر الى الشارع بحرق مقر لحزب البارزاني في بغداد، من قبل أنصار فصائل شيعية محسوبة على إيران، احتجاجاً على تغريدة لكاتب كردي اعتُبرت مسيئة للمرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني.

وكان الكاتب والأكاديمي الكردي نايف كوردستاني قد طالب، في تغريدة، أن تكون المرجعية الشيعية العليا "عربية، لا فارسية ولا هندية"، وهو ما اعتُبر إساءة للسيستاني الذي يتحدّر من أصول فارسية، وكذلك للعديد من المراجع الهنود في حوزة النجف.

وقال نايف كردستاني، الذي كان مرشحاً في انتخابات عام 2018 عن الموصل مع الحزب الديموقراطي الكردستاني، إن حسابه تعرض للقرصنة وجاء في التغريدة: «أنا مع المرجعية العربية من آل البيت - سلام الله عليهم - ولست مع المرجعية الهندية والفارسية والأفغانية، فهم ليسوا سادة، وإن لبسوا العمامات السوداء».

وقد دان مسعود البارزاني، الإساءة للمرجعية، وقال في بيان أمس: "ندين بشدة الإساءة من قبل أحد الأشخاص بحق المرجعية، ولا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال الإساءة للمقدسات والرموز العليا، ويعدّ تجاوزا للخطوط الحمر".

وأضاف أن "ثوابت كردستان غنية بثقافة التعايش والتسامح الديني، والإساءة للرموز الدينية والمرجعيات لم يكن لها مكان في سلوكيات شعب كردستان وأخلاقياته في أيّ وقت".

وشدد على أن "شعب كردستان يقدر ويحترم بقوة الرموز الدينية. والتاريخ العريق من الصداقة والاحترام بين الخالد ملا مصطفى بارزاني وآية الله الحكيم، والشهيد الصدر، خير دليل على ذلك"، مشيراً الى أن "الشخص المسيء قد اعتقل وتم تقديمه للقضاء، وسينال جزاءه العادل".

وفي الوقت نفسه، دان البارزاني إحراق مكتب حزبه "للمرة الثانية من قبل مجموعة من المندسين والخاسرين، التي لم يكن في وسعها إلّا أن ترتكب أعمال تخريب، مما يدلل على حالة التوتر وعدم الاستقرار والفوضى". وباستخدامه كلمة "الخاسرين"، يشير البارزاني الى الفصائل التي خسرت الانتخابات، والمحسوبة على إيران.

وكانت وزارة الداخلية في إقليم كردستان، قد أعلنت أمس الأول توقيف الشخص المعني، وأكدت أن "حرية التعبير لا تعني التجرؤ على المساس بالرموز الدينية والوطنية، وأن التطاول عليهم - وبالأخص مقام المرجعية - ليس مقبولا".

وفي السياق نفسه، أفادت وسائل إعلام عراقية بعزل قائد الفرقة الأولى من الشرطة الاتحادية من منصبه وإحالته إلى التحقيق مع مجموعة من الضباط بسبب تقصيرهم في واجباتهم، وذلك نتيجة حرق مقر "الديموقراطي الكردستاني". وكان القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي قد وجّه في وقت سابق بحجز الضباط المقصرّين في واجبهم، وعزلهم عن مهامهم، "من أجل تعزيز روح الالتزام بالواجب"، وذلك في تعليقه على الحادث.