بدّد "الكرملين" الآمال بحصول تقدّم في أوكرانيا بإعلانه أن المحادثات التي جرت بين الوفدين الروسي والأوكراني في اسطنبول أمس الأول لم تُفضِ الى نتائج "واعدة جدا ولا أي تقدّم"، بينما اتهمت السلطات الأوكرانية، روسيا بقصف مدينة تشيرنيهيف الكبيرة في شمال البلاد، التي قالت موسكو إنها خفضت العمليات فيها كإجراء حُسن نية.

وفي تصريحات تتناقض مع الأجواء الإيجابية التي عبّر عنها مسؤولون روس شاركوا في المحادثات، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أمس: "ما زال هناك الكثير من العمل لإنجازه"، لكنه اعتبر أنه "أمر إيجابي أن الجانب الأوكراني بدأ اخيرا بصياغة اقتراحاته بشكل ملموس ووضعها خطيا".

Ad

وشككت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بإعلان موسكو تقليص عملياتها. ورأت قيادة الأركان الأوكرانية أن "ما يسمى انسحاب قوات هو على الأرجح تناوب بين وحدات فردية يهدف الى خداع قيادتنا العسكرية".

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أوضح أنه لا يعتد بما تقوله موسكو ظاهريا.

وعلّق الناطق باسم "البنتاغون"، جون كيربي، على التحرك الروسي، معتبرا أنه "إعادة تموضع وليس انسحابا فعليا"، ورجحت وزارة الدفاع البريطانية أن تكون روسيا تعمل على نقل قوتها الضاربة من الشمال نحو المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك بالشرق.

وأفادت الاستخبارات العسكرية البريطانية بأن وحدات روسية تكبّدت خسائر فادحة في أوكرانيا اضطرت للعودة إلى روسيا وبيلاروسيا المجاورة في مسعى لإعادة تنظيم نفسها وإعادة التزود بإمدادات.

وبعد اتصال هاتفي مع قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وايطاليا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "سنرى إن كانوا سيلتزمون بكلامهم ذلك". وأضاف: "يبدو انه هناك توافق على انه يجب أن ننتظر لنرى ما لديهم لتقديمه".

وكان حاكم منطقة تشيرنيهيف، فياتشيسلاف شواس، قال إن المدنية تعرضت طوال ليل الثلاثاء ـ الأربعاء للقصف بالمدفعية والطيران، وتساءل: "هل نثق في تعهّد روسيا بخفض الأنشطة العسكرية؟ بالطبع لا".

وفي كييف ومحيطها سمعت صفارات الإنذار عدة مرات. واحتدم القتال في مدينة ماريوبول بجنوب البلاد، حيث طال قصف روسي مبنى للصليب الأحمر في المدينة الواقعة على بحر آزوف.

من ناحيتها، ذكرت صحيفة التايمز البريطانية، أن المواقف المعلنة من الروس والأوكرانيين في محادثات إسطنبول "تظل متباعدة، رغم وجود بوادر لإحراز تقدّم في بعض القضايا الرئيسة، إذ تلمّح كييف إلى قبول الحياد، وتلفت موسكو إلى أنها قد تتخلى عن بعض مطالبها الرئيسة من العملية العسكرية، مثل "الإطاحة بحكومة زيلينسكي".

وأوضحت الصحيفة أنه "من الممكن أن يكون المفاوضون على استعداد لمناقشة التنازلات بشأن شبه جزيرة القرم، وإقليم دونباس وغيرهما من الأراضي المتنازع عليها".

وعن احتمال "تقسيم أوكرانيا"، قالت الصحيفة: "رغم أن أوكرانيا وأنصارها في الاتحاد الأوروبي يؤكدون أن الحدود التي تم ترسيمها عند انفصال الدولة عن الاتحاد السوفياتي عام 1991 لا يمكن انتهاكها، إلا أنه تم انتهاك هذه الحدود، حيث احتلت روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 واعترفت من جانب واحد باستقلال ولايتي دونيتسك ولوهانسك قبل ساعات من الغزو".

وأضافت: "منذ ذلك، استحوذت موسكو على مساحة متواصلة تقريبًا من الأراضي بين البلدين، من خيرسون إلى الحدود الروسية، ولم يقف في طريقها سوى مدينة ماريوبول المحاصرة الآن، وفي حين أن التقدم نحو كييف وميكولايف قد توقف، ويبدو أنه من الممكن أن تحاصر روسيا جيبًا واسعًا في منطقة دونباس وتهزم مجموعة كبيرة من المدافعين الأوكرانيين هناك".

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن "المكاسب الروسية تشكل ورقة مساومة قيّمة لموسكو في مفاوضاتها بكييف الآن"، مشيرة إلى أن أحد الخيارات التي قيد الدراسة هو الوصول إلى حل وسط يُرضي جميع الأطراف.

وأوضحت الصحيفة أنه "بموجب هذه الصفقة، تحتفظ أوكرانيا رسميًّا بالسيادة على أراضيها، بينما تتنازل عن بعض المناطق تجاريًّا".

وأشارت إلى أن "تركيا، وهي إحدى الدول التي تتوسط في محادثات السلام، قد اقترحت أن شبه جزيرة القرم ودونباس يمكن تأجيرهما إلى موسكو بالطريقة ذاتها التي استأجرت بها بريطانيا جزءًا من هونغ كونغ من الصين لمدة قرن تقريبًا".

تدهور إمدادات الغاز

ورغم إعلان "الكرملين" أن عملية السداد بالروبل مقابل الغاز الطبيعي الروسي الذي يتم تصديره لدول مصنفة على أنها غير صديقة لروسيا لن تبدأ بالضبط اليوم، قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إن بلاده رفعت مستوى الإنذار المبكر لخطة طوارئ الغاز.

من ناحيته، دعا زيلينسكي النرويج، ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي بعد روسيا، إلى زيادة إمدادات الطاقة إلى بلاده والاتحاد الأوروبي.

في كلمة عبر الفيديو أمام البرلمان النرويجي، اعتبر زيلينسكي أن السفن الروسية "لا ينبغي أن يكون لها الحق في استخدام موانئ العالم الحر".

وفي وارسو، أعلن رئيس وزراء بولندا ماتيوش مورافيتسكي، أمس، أن بلاده ستتخذ إجراءات للاستغناء تماما عن النفط والغاز الروسي بحلول نهاية العام الحالي.

ترامب يناشد بوتين «فضح» نجل بايدن!

دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يخوض حربا في أوكرانيا، إلى الكشف عن أي معلومات مسيئة قد تكون لديه حول هانتر، نجل الرئيس جو بايدن.

وكان هانتر بايدن هدفا منتظما لدونالد ترامب، وانتقد معسكر الرئيس السابق نجل بايدن تكرارا بأن له مصالح اقتصادية في أوكرانيا، في وقت كان والده نائبا للرئيس السابق باراك أوباما (2009-2017).

وفي مقابلة بثت أمس الأول، خلال برنامج "Real America's Voice"، أكد ترامب أن زوجة رئيس بلدية لموسكو قدمت 3.5 ملايين دولار لهانتر بايدن وعائلته، مضيفا: "هذا كثير من المال. أعتقد أن بوتين قد يكون لديه الرد على هذا الأمر. أعتقد أن عليه كشفه علنا".

وكان ترامب اتهم في الماضي جو بايدن بأنه عمل من أجل إقالة مدع أوكراني لحماية شركة غاز تدعى "بوريسما" من ملاحقات بتهم فساد حين كان نجله هانتر عضوا في مجلس إدارة المجموعة.

وهذه "القضية الأوكرانية" أدت الى إطلاق إجراء عزل تاريخي بحق ترامب، بعدما واجه اتهامات من قبل المعارضة الديموقراطية بأنه استغل مهامه الرئاسية عبر ممارسة ضغط على أوكرانيا، لكي تحقق حول منافسه السياسي والأنشطة التجارية لابنه، وقام مجلس الشيوخ في نهاية المطاف بتبرئته.