حوار مع الدكتور فيصل المسلم
المشروع مترامي الأطراف، ولا بد أن ينطلق من قاعدة فكرية شاملة تطرح في الطريق السياسي وتتجسد في فعل جَمعي، هذا الفعل الجمعي ينشط في كل الحقول الحياتية عن طريق انخراط كل الكفاءات والخبرات من المواطنين في كتلة وطنية، بحيث تخلق وعيا عاما قوامه قناعات وقيم تمنع وجود الفساد والفاسدين، وتعزز مبدأ الوطنية والانصهار في المصلحة العامة والانفكاك عن الانتماءات القبلية والطائفية والمناطقية والفئوية.ويؤكد الدكتور فيصل أن هذا المشروع ليس محصوراً في العمل البرلماني إنما العمل البرلماني جزء صغير منه، وهو انعكاس في تكوينه وطبيعته الجديدة لهذا التغيير وهذه الأفكار والقيم التي سيستغرق بناؤها زمنا طويلا، محذرا من الاستعجال في عملية هذا البناء، وسيكون العمل البرلماني في شكل قوائم تتبنى برنامج عمل وضعته الكتلة السياسية الوطنية التي تضم مختلف التخصصات والخبرات القديمة والجديدة الفتية المتطورة، هذه القوائم ملتزمة سياسيا وأخلاقيا أمام الشعب بالمطالبة بتحقيق برنامج العمل وتحاسَب في حال عدم الالتزام حسابا عسيراً، وتواجه الفصل الفوري من الكتلة.وبهذا يتم القضاء على العمل الفردي والوصول الى أغلبية برلمانية حاملة مشروع يتجاوب مع تطلعات وقناعات الشعب، هذه الأغلبية يصعب تفتيتها بأي وسيلة، وسيفرضها الشعب في أي انتخابات، فهي الخيار الشعبي الوحيد.
اختصاراً أرى أن الدكتور فيصل أتى بفكرة تبشيرية ضخمة تستهدف إعادة تشكيل العقول والنفوس وأن التغيير السياسي والمتمثل بالتشكيل والعمل البرلماني جزء صغير منها، ونتيجة ومظهر بسيط لها، وقلت تبشيرية لأن الدكتور أثناء كلمته أو محاضرته يكرر مقولة حسن البنا زعيم ومؤسس الإخوان المسلمين، رحمه الله، «أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تُقَم على أرضكم»، فالدكتور هنا يربط بين الإصلاح المؤسسي والإداري في مظهره المادي المحسوس بتغير نظام القيم والقناعات في النفوس، إلا أنه يومئ إلى ذلك ولا يفصح لأنه مستغرق في سياق سياسي ساخن ومؤلم أو هو مُنصِهر تحت ثُقل اللحظة مع أنه يعلن أنه تخلص منها وهو بالفعل تخفف منها إلى حد ما.دكتور فيصل العزيز: أراك أبعدت النجعة وركبت الصعب... وبناء على رؤيتي وخبرتي المتواضعة، وكما أشرت في مقالاتي السابقة، لو اتحدت القوى الحية والنشطاء وذوو الخبرة في المجتمع، وصاغوا برنامج عمل يعالج القضايا الضرورية ضرورة قصوى، المتمثلة بالإسكان والصحة والتعليم والخصخصة وتنويع مصادر الدخل والتكويت واستكمل استقلال القضاء ووضع النظام الضريبي، وتم تسويقه وخلق رأي عام بناء عليه وطرح عبر فكرة القوائم كما طرحها دكتورنا العزيز فإن ذلك سينهي الفساد بكل أنواعه، ويختصر إنجاز الخدمات وتطويرها وزيادة الدخل والوظائف بخلق قاعدة إنتاجية اقتصادية تسهم في خلق مصدر للدخل بديل عن النفط، ولأصبح التعليم والخدمة الصحية في الذروة، وسهل توفير السكن المناسب والرخيص لحظة الزواج (مدن بحرية تضم شققا مناسبة). وما على الأغلبية إلا الارتفاع في أدائها إلى مستوى فرض برنامح العمل كاستحقاق دستوري بأهدافه على الحكومة بمدد زمنية ومعايير كمية محددة ووضعت هذه الأهداف من عباقرة المجتمع، وهم كُثُر عندنا، وقد أشرنا لبعضهم... كذلك على الأغلبية أن تضع شروطاً وإجراءات للخصخصة حتى لا يتم اللعب بها لمصلحة الطفيليين والمحتكرين، وأخيرا على الأغلبية البرلمانية أن تضم أيضا ذوي الخبرة والحصافة للرقابة على الأداء الحكومي والفهم الدقيق لما تتطلبه المرحلة.الشعب سيلمس لأول مرة الإنجاز المحسوس، وستدفن منابع الفساد وينتهي نواب الخدمات وينكمش تورم القطاع العام وإحالة أغلبية موظفيه للقطاع الخاص مع توزيع الحكومة أعلى دعم عمالة ودعم معيشة في العالم وتأمين صحي ودفع رسوم الدراسة كما أشرت في عدة مقالات، وتقوم أفضل شركات المقاولات والأعمال والخدمات وشركات التأمين وأرقى المستشفيات والمدارس بتطوير المجتمع وتغييره، كل هذا في ظل رقابة مجلس قوي وحصيف.هذا يضمن صلابة ونجاح كتلة الأغلبية وعدم اعتراف الناس بغيرها واستعصائها على التفتيت من قوى الفساد.أخيراً أقول للدكتور العزيز فيصل المسلم الدعوة لبرنامج عمل موحد واختيار قوائم انتخابية أمر سهل، وبهذا نقلب المقولة التى رددتها فأقول: «أقيموا الإصلاح المحسوس الملموس على أرضكم يَقُم في نفوسكم».