يوم جديد من التوتر الأمني غير المسبوق عاشته إسرائيل، أمس، بعد محاولة طعن على متن حافلة جنوب بيت لحم، واندلاع مواجهات عنيفة خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة جنين في الضفة الغربية أدت الى مقتل فلسطينيين، الأمر الذي حدا برئيس الحكومة الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى دعوة الإسرائيليين إلى عدم الخروج من دون سلاح.

وفي إطار عملية أطلق عليها اسم "كسر الأمواج"، قرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) عدم إلغاء التسهيلات المقرر منحها للفلسطينيين خلال شهر رمضان.

Ad

وعلى غير المتوقع، أوصى «الكابينيت» ليل الأربعاء- الخميس الأجهزة الأمنية بالإبقاء على هذه التسهيلات، تجنباً لحدوث المزيد من التصعيد، واكتفى بملاحقة النشطاء والمطلوبين وسحب تراخيص العمل من أقارب مرتكبي الاعتداءات، والدفع بخطة لإعادة بناء سياج أمني.

وأمر «الكابينيت» بنشر 3 آلاف شرطي في القدس في أيام الجمع خلال شهر رمضان، والسماح للمصلين فوق سن الستين بدخول الحرم بدون قيود، والرجال بين 45 و60 عاماً بتصاريح خاصة.

وفي محاولة لتفادي مواجهة شاملة في شهر رمضان المبارك، على غرار العام الماضي، عندما خاضت إسرائيل أعنف مواجهات بغزة وفي مدن إسرائيلية مختلطة ومدن الضفة، أعلن رئيس الوزراء سلسلة إجراءات للتعامل مع ما سماه «موجة إرهاب عربي قاتل»، منها نشر مزيد من قوات الشرطة في شوارع المدن، وتعزيز الأمن في المناطق المتاخمة للضفة بـ 15 سرية من أفضل جنود الجيش.

وطالب بينيت الإسرائيليين، في رسالة إذاعية، بالدفاع عن أنفسهم بدعوته مالكي الأسلحة إلى حملها معهم طوال الوقت، وعدم الخروج من منازلهم من دونها، مؤكداً أنه سيأمر أيضاً جميع الجنود بأخذ أسلحتهم من قواعدهم إلى منازلهم.

وتحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع بينيت وقدّم له «خالص تعازيه بعد الهجمات المروّعة»، التي شهدتها إسرائيل، وأودت في غضون أسبوع واحد بحياة 11 هم: 7 إسرائيليين، وأوكرانيان، وشرطية فرنسية- إسرائيلية، وشرطي عربي مسيحي.

وبحسب البيت الأبيض، فإن بايدن أبلغ بينيت بوقوفه «بقوة وحزم إلى جانبه في مواجهة هذا التهديد الإرهابي وسائر التهديدات»، وعرض عليه كذلك تقديم «كلّ المساعدات المناسبة».

يوم دامٍ

وغداة تسجيل إسرائيل لهجوم دام هو الثالث من نوعه في غضون أسبوع، اقتحم جيشها مدعوماً بشرطة حرس الحدود مخيم جنين، في إطار حملة اعتقالات واسعة في الضفة، وادعى أن مسلحين أطلق النار على قواته وأصابوا جندياً، مؤكداً أنه رد عليهم بقتل الشابين الفلسطينيين سند أبوعطية (17 عاماً)، ويزن السعدي (23 عاماً)، بالإضافة إلى إصابة 15 بالرصاص الحي وقنابل الغاز.

وشنّ الجيش حملة اعتقالات في جنين ومدن أخرى في الضفة الغربية. وأفاد نادي الأسير بمداهمته عشرات المنازل واعتقال 25 فلسطينياً على الأقل وتحويلهم للتحقيق لدى أجهزته الأمنية.

وفي حادث منفصل تلى إقدام الأسير السابق ضياء حمارشة على قتل 5 في مدينتي بني براك ورمات غان المجاورة قبل أن ترديه الشرطة، قتل فلسطيني ثالث هو نضال جعافرة (30 عاماً) على برصاص إسرائيلي خلال محاولته طعن، وإصابة راكب آخر بجروح خطرة على متن حافلة قرب مستوطنة إيلعازر جنوب بيت لحم.

وحذر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من أن مواصلة الاقتحامات الإسرائيلية، وعمليات القتل لأبناء الشعب الفلسطيني وجرائم المستوطنين اليومية، ستجر المنطقة إلى مزيد من أجواء التوتر والتصعيد، مؤكداً أن «سياسة إسرائيل التصعيدية لا تنسجم مع كل الجهود المبذولة لجعل رمضان المبارك والأعياد شهراً مقدساً».

وحمّل عباس، الذي أدان عملية تل أبيب، حكومة بينيت المسؤولية كاملة عن التصعيد وتداعياته، مطالباً المجتمع الدولي وواشنطن، على وجه الخصوص، بالتحرك الفوري للجم إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها، والتدخل الفوري لوقف دفعها الأوضاع نحو الانفجار.

واعتبر رئيس الوزراء محمد اشتية أن «الجريمة» الإسرائيلية في جنين وبيت لحم والسماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى واستخدام السلاح لقتل الفلسطينيين انتهاكاً واستفزازاً لمشاعر المسلمين عشية استقبالهم لشهر رمضان، وفصلاً جديداً من الجرائم بإيعاز مباشر من بينيت.

وأشار إلى أن «الجريمة الإسرائيلية في جنين وبيت لحم تعكس عقيدة قتل وترويع يعتنقها قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وجنود الاحتلال والمستوطنون، لفرض وقائع بغطرسة القوة في الأراضي المحتلة».

شد الرحال والجهاد

وفيما دعا مجلس الإفتاء الأعلى إلى شد الرحال إلى مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك خلال رمضان، لحماية وجوده وقدسيته ووحدته من اقتحامات المستوطنين، باركت حركة «حماس» عملية الطعن في بيت لحم، واستبسال مخيم جنين في التصدّي لقوات الاحتلال، مشددة على أن جرائم إسرائيل المتواصلة «تنذر بانفجار شامل وأقوى بأساً وأشدّ إيلاماً في كلّ ربوع الأرض المحتلة».

وقالت «حماس»، في بيان، «الردّ على الجريمة الصهيونية النكراء هو تصعيد المقاومة والمواجهات مع الاحتلال ومستوطنيه»، مضيفة: «ونحن نستقبل رمضان المبارك، شهر الجهاد والشهادة، والانتصارات المؤزرة، نشدّ على أيادي أبطالنا المنتفضين في كلّ المدن والمخيمات، وفي القلب منها القدس، ونؤكّد استمرار التصدّي للاحتلال ومستوطنيه بكلّ الوسائل المتاحة حتى التحرير والعودة». وفي ضوء تصاعد التوتر مع إسرائيل، أعلنت «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد» رفع الجاهزية الكاملة في صفوف مقاتليها بكل التشكيلات العسكرية.

وقال الناطق باسم السرايا أبوحمزة: «بناءً على قرار الأمين العام القائد المجاهد زياد النخالة، نعلن رفع الجاهزية الكاملة في صفوف مقاتلينا».

وأكد خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أن ممارسات الاحتلال بالحرم القدسي تشير إلى رغبته في التصعيد، وأنه يبيت مفاجآت عدوانية خلال شهر رمضان.