رغم التنازلات والتوافق في كثير من القضايا فإنها لم تحم رئيس الوزراء
شهد مجلس الأمة في هذا الفصل التشريعي تنازلات حكومية ومحاولات عديدة للتوافق بين الحكومة والمجلس في عدة مواضيع، ولكن هذه التوافقات رغم كثرتها لم تخفف من حدة الخلاف بين السلطتين، وبنظرة سريعة إلى بعض جوانب التوافق بين السلطتين نجد ما يلي: ● خالفت السلطتان أحكاماً للدستور ورفضت الحكومة عندما ووجهت بإجراءات غير دستورية الذهاب للمحكمة الدستورية، واستبدلت بذلك قرار التحصين، ثم قامت بإلغائه، وخالف بعض الأعضاء بتصوير ورقة الانتخاب مع الباركود وقدموا استجوابات غير دستورية، وأحدثوا الفوضى في المجلس، فكلا السلطتين توافقتا على مخالفة الدستور للأسف. ● اتفقت كلتا السلطتين على الصرف من المال العام بالمليارات، فوحدها جلسة القسم للحكومة الأخيرة كلفت مليار دينار، وما زالت الحكومة تجامل المجلس في طلباته المليارية في سبيل المحافظة على الكراسي، ولكن ذلك لم ينجح مؤخراً واستمر الصرف ولكن الكراسي لم تستمر.
● أهملت السلطتان قضية الإصلاح الاقتصادي، وهي من أهم التحديات، فما زال النفط هو المورد شبه الوحيد، ومازالت الحكومة وحدها هي الموظف الأساسي للخريجين، وما زال معظم الخريجين ينتظرون في البيوت سنة أو سنتين، وما زال قانون البديل الاستراتيجي الذي يحقق العدالة يقبع في اللجنة المالية منذ ست سنوات. ● لم تقم السلطتان بتقديم وإقرار أي قانون يرتب إيرادات مالية للميزانية العامة للبلد، وهذا يؤكد اتفاقهما على الصرف دون اتفاقهما على أي إيراد. ● توافق السلطتان على عدم إلغاء المادة 80 من قانون التأمينات التي تمكن مجلس الوزراء من إعطاء معاشات استثنائية للنواب أو غيرهم دون سبب محدد، ويبدو أن الطرفين يرغبان في بقائها واستغلالها. ● وكذلك فإن السلطتين متفقتان حتى الآن على عدم إقرار قوانين القيم البرلمانية ومنع هدايا النواب والقوانين التي تحد وتمنع الواسطة، وما زلنا نسمع عن وساطات وتدخلات ومساومات خطيرة، خصوصا التي انتشرت خلال فترة انتظار التصويت على طرح الثقة بالوزراء وعلى عدم التعاون مع رئيس الوزراء. ● وكذلك يبدو أنهما متوافقتان على عدم تنفيذ أي بند من بنود الخطة الخمسية التي ذهبت أدراج الرياح ومازالت العيوب الهيكلية للأوضاع الحالية تكبر وتزداد. ● مازال تعامل السلطتين مع قضايا المال العام المحالة إلى القضاء دون مستوى الطموح وهو المتمثل بالتصعيد السياسي لمحاسبة رئيس الحكومة عليها رغم ما عرف به من نزاهة وتواضع، بينما كان الصحيح هو إعداد مزيد من الحقائق والأدلة والبراهين وتقديمها إلى القضاء. * وأيضاً يبدو أن السلطتين راضيتان عما تقوم به كثير من وسائل التواصل في التأثير على الجماهير وشحنها بالأخبار الكاذبة والإشاعات، لذلك لم يتم إصدار قانون أو اتخاذ أي إجراء فني يحمي الكويت وشعبها من الحسابات الوهمية المسيئة والأخبار المغرضة المخالفة لشرع الله. ● قام رئيس الوزراء بالاستقالة وإعادة تشكيل الحكومة وتوزير ثلاثة وزراء آخرين من مشارب مختلفة من المجلس للاقتراب والتوافق مع المجلس، ونجح الوزراء في حماية أنفسهم، ولكن لم ينجحوا في حماية رئيس الحكومة.● شاركت الحكومة وأعضاء من المجلس في الحوار وتم إصدار بيان طلب العفو من أربعين عضواً، وتم العفو عن بعض المحكومين، وأعلنت الحكومة أن جلسات العفو ستستمر وسيتم العفو عن آخرين، ولكن هذا أيضاً لم يحم الرئيس. ● وهكذا نجد أن هناك تنازلات حكومية ومصروفات مالية وكثيراً من القضايا والقوانين توافقت الحكومة والأعضاء عليها ولكنها في النهاية لم تنقذ رئيس الوزراء من الاستجواب وإعلان عدم التعاون، وهناك من النواب والمراقبين من يلوم رئيس الوزراء على كثير من جوانب إدارته، وعلى عدم أخذه بالنصائح التي قدمت له أثناء مشاوراته لتشكيل الحكومة الأخيرة، وهناك أيضاً من يلومه على قبول استجواب غير دستوري لأن قرار التحصين قد تم إلغاؤه، وقضايا المال العام قد تمت إحالتها إلى القضاء، ولكنه فضل مواجهة الاستجواب والرد على محاوره، وأيضاً هناك من يلومه على اختياراته للوزراء في الحكومة الأخيرة، وهي الاختيارات التي تعرض أداءها لكثير من الانتقاد، وهي أيضاً لم تحمه من تصاعد الآراء المؤيدة لعدم التعاون، وأيضاً صرح بعض المعارضين من النواب والسابقين أن تصويت الحكومة للرئيس الغانم هو من أهم الأسباب عندهم، وسبق أن وضعوه كمحور أساسي في الاستجواب الأول الذي قدموه لرئيس الحكومة، فهل يجوز إعلان عدم التعاون بسبب ممارسة رئيس الوزراء حقه الدستوري وفق المادة 80 من الدستور؟ الخلاصة أن كل التنازلات والمليارات التي أنفقت والعفو الذي تم، وكل ذلك التوافق حول القوانين والمواقف التي تمت بين الحكومة والمجلس لم تفد رئيس الوزراء ولم تحم منصبه.