لبنان: الحسابات الرئاسية تعوق التفاهمات المسيحية
«حزب الله» يطوّق جنبلاط انتخابياً
تتجاوز الحسابات السياسية اللبنانية في هذه المرحلة، محطة الانتخابات النيابية. ويركز الأفرقاء المسيحيون تحديداً على استحقاق رئاسة الجمهورية، وبالتالي فإن الصراع بين الأحزاب المسيحية ينحصر في تحصيل أكبر عدد من النواب أولاً، وتوفير علاقات سياسية وتحالفية مع عدد أكبر من الكتل النيابية من الطوائف الأخرى، فيعتبر حينها كل طرف نفسه مؤهلا للوصول إلى رئاسة الجمهورية.وتعد دائرة الشمال الثالثة أو المعروفة بدائرة الشمال المسيحي، هي أم المعارك على الساحة المسيحية، فهي الدائرة التي ينتمي إليها أكبر قدر من المرشّحين لرئاسة الجمهورية 3 من الصف الأول، سمير جعجع، وسليمان فرنجية، وجبران باسيل، يليهم مرشحون من الصف الثاني.كل الحسابات الرئاسية والصراع بين هذه الشخصيات على الانتخابات النيابية تعود لأسباب تتعلق بكيفية رسو التوازنات في المجلس النيابي المقبل وتأثيرها على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقد مارس حزب الله ضغوطاً كبيرة في الساعات الماضية للجمع بين حلفائه. وبقيت اللقاءات والاتصالات مستمرة حتى ساعات متقدمة من فجر الأحد للوصول إلى توافق على الدخول في لائحة موحدة بين تيار المردة المحسوب على فرنجية، والتيار الوطني الحرّ المحسوب على باسيل، لكن كل الجهود لم تؤدّ إلى أي نتيجة.
وبحسب ما تشير مصادر متابعة لهذا المسار، لـ «الجريدة»، فإن الاتصالات ستستمر خلال الساعات الاخيرة المتبقية قبل انتهاء مهلة تسجيل اللوائح في محاولة لجمع الطرفين، وسط استحالة تحقيق ذلك. وتضيف المصادر أن السبب الأساسي في عدم الاجتماع بين حليفَي الحزب هو التنافس على الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تلي الانتخابات النيابية، وتكشف المصادر: «حاول فرنجية وضع أسس لتفاهم شامل مع باسيل، بما فيها الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً أن فرنجية طالب بضمانات بدعم باسيل له، لأنه عندما جاءته فرصة انتخابه هو رئيساً، التزم بخيار ميشال عون. إلا أن باسيل رفض تسليم أي ورقة بهذا الشأن، خصوصاً أنه يسعى للحصول على الكتلة المسيحية الأكبر بدعم من حزب الله ليستثمرها في الانتخابات الرئاسية.في المقابل، نجح حزب الله في ممارسة الضغوط اللازمة على حلفائه للائتلاف ضمن لائحة موحدة في دائرة الشوف عاليه، من خلال نجاحه بالجمع بين طلال أرسلان، ووئام وهاب والتيار الوطني الحرّ لتشكيل لائحة موحدة هدفها مواجهة وليد جنبلاط ومحاولة تطويقه، وهذا مبدأ أساسي يلتقي عليه الحزب مع النظام السوري، وهناك تنسيق مستمر بينهما لمحاصرة جنبلاط ومحاولة تقويض نفوذه من خلال خلق كتلة درزية موالية لهما وخارجة عن إرادة جنبلاط.ومع اشتداد المعركة الانتخابية للدخول إلى المجلس النيابي، فإن المعركة حول رئاسة الجمهورية ستستعر أكثر فأكثر، لا سيما في ظل بروز بوادر خلافية حول الانتخابات بين حزب الله من جهة والنظام السوري من جهة أخرى، وهذا سينعكس لاحقاً على كيفية توزع أصوات النواب من خارج الطائفة الشيعية المحسوبين على الطرفين في أي استحقاق أساسي، ولذلك ستتركز الأنظار على هؤلاء النواب وخياراتهم في أي جلسات نيابية مفصلية لانتخاب رئيس الجمهورية مثلاً، أو للتصويت على قرارات ذات بُعد استراتيجي، لا سيما في ظل سعي النظام السوري إلى ترتيب علاقاته مع الدول العربية وتقديم نفسه بأنه جاهز للمساعدة من خلال بعض حلفائه في لبنان. وهنا يجدر انتظار التطورات اللاحقة التي ستشهدها المنطقة، وكيف ستنعكس على علاقة الحزب بالنظام السوري في المرحلة المقبلة، وهي التي سيكون لها تأثير واضح المعالم على الساحة اللبنانية.