منذ تحريرها من تنظيم داعش قبل ثلاثة أعوام، تعيش محافظة الأنبار غرب العراق، استقرارا كبيرا وانتعاشا في برامج إعادة الإعمار، لكنها اليوم تتحمل عبئا سياسيا كبيرا، لأن أبرز حزبين سنيين تحالفا مع مقتدى الصدر، يتحدران من تلك المحافظة التي صارت عاصمة سياسية للمكون السني في البلاد.

وعلى طول مساحتها الشاسعة التي تحاذي سورية والأردن والسعودية، تشهد الأنبار منذ يومين تدقيقا أمنيا مشددا بأمر من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وتقييدا حتى لتحركات القوات الأمنية وفصائل الحشد الشعبي الناشطة هناك، على خلفية تهديدات أطلقتها حركة حزب الله العراقية ضد محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي، متهمة إياه بالعمل ضد فصائل الحشد المتحالفة مع طهران.

Ad

وتقول الأوساط السياسية في بغداد إنها تتوقع منذ فترة عقوبة رادعة توجهها إيران لأبرز حزبين سنيين بزعامة الحلبوسي، والقيادي البارز الآخر خميس الخنجر، منذ أن قررا دعم مساعي مقتدى الصدر لإنشاء تحالف أغلبية نيابية، ضد كتل وحركات موالية لإيران فيما يعرف بالإطار التنسيقي.

وتذكر هذه الأوساط أن إيران عاقبت أربيل بنحو ١٢ صاروخا بالستيا الشهر الماضي، بسبب وقوف الزعيم الكردي مسعود بارزاني مع تحالف الصدر والسنة، وقد حان الوقت الآن لمعاقبة المعقل السني في الإنبار بواسطة فصائل الحشد المنتشرة خصوصا على الحدود السورية العراقية هناك.

وقالت مصادر رفيعة، في بغداد لـ«الجريدة»، إن هناك وساطة إقليمية تسعى لعدم إثارة الأوضاع في الأنبار ذات الحساسية الأمنية والسياسية البالغة، لكن الفصائل تقول إنها لا تمتلك خيارا سوى الرد إذا تعرضت لمضايقات سياسية هناك من قبل الحلفاء السنة الذين يعملون مع الصدر لكبح النفوذ السياسي للجماعات الشيعية المسلحة.

وتستذكر الأوساط السياسية الخطورة الجغرافية التي تمثلها الأنبار لإيران، حيث تمر بها أهم معابر تهريب الأسلحة والمواد الأخرى، عبر قوافل تربط سورية ولبنان بالمدن الإيرانية في الطريق البري التاريخي.

ويقول المراقبون إن إيران لن تتنازل بسهولة عن هذه المعابر الاستراتيجية التي تربط طهران بالبحر المتوسط، وتمكنها من خرق كثير من القيود المفروضة عليها إقليميا ودوليا.

وسبق لإيران وحلفائها أن وجهوا ضربات قاصمة للطبقة السياسية السنية في الأنبار والموصل بين الأعوام ٢٠١٢ و٢٠١٤، وحاولوا استبدالها بشخصيات سياسية قليلة الخبرة للسيطرة على الوضع السياسي هناك، ويقول حلفاء طهران علنا إن الجغرافيا السياسية للأنبار، تبرر التدخل في خارطتها السياسية، لضبط الأمن، وتبرر بذلك الكثير من خطوات التلاعب بالتناقضات الداخلية غرب العراق وفي نينوى شمالا.

لكن انتخابات أكتوبر والاحتجاجات الشعبية التي أجبرت الأحزاب على إجراء إصلاحات، دفعت السنة بقوة إلى التصادم سياسيا مع الفصائل الموالية لطهران، والعمل مع الصدر وبارزاني لتشكيل حكومة أغلبية، الأمر الذي أوصل البلاد إلى انسداد سياسي منذ الاقتراع الذي مضت عليه 5 أشهر، ووضعت البلاد في حال طوارئ.

محمد البصري